مواقف وزارية والحال في تراجع

غزل حسين المصطفى: 

فتحتُ معجم اللغة فوجدتُ مرادفات كثيرة تصطّف أمامي للكلمة ذاتها، نبّشتُ في كتب السياسة والجفرافيا وحتى التاريخ، لا مفرَّ من وجودها، بل ووجدتُ أن حتى كتب الأقتصاد تُعرّفها وتُفرّق بين قارة وأخرى، وقد جعلتها في تصنيفات خاصة.

لكن ماذا لو رحتُ أبحثُ في الدستور هل سأجدها؟

ماذا لو طالعتُ القرارات ودققتُ في جلسات الحكومة التي تُعقد، وحتى الهموم الوزارية هل تتضمنها؟ أو هل تشمل أُناس صارت تلك الكلمة مسمّاهم المتعارف عليه؟

(الفقر)… العدو الأبشع للإنسانية!!؟

تَصدَّرَ صباحي خبرٌ يحكي قصّة غصَّ بها الموقع الأزرق (الفيسبوك).

فقد انبرى وزير من حكومتنا لينظر في حال رجل طاعنٍ في السن افترش الرصيف في أحد شوارع دمشق، وها هو ذا اليوم وبعد أن أقرّت اللجنة الموكلة بالأمر أنه فقير غير متسول، صادق لا معيل له ولا سند، جرى نقله بطلب من الوزير إلى دار الرعاية (س).

سيادة الوزير!

 مع كامل احترامي لفعلكم النبيل، وخصوصاً أنك تُحسب على فئة الشباب وتمثلهم (كما يُفترض) أود أن أسأل:

ماذا عن أولئك ممّن لم ترصدهم الأقلام و(المنشورات الفيسبوكية)؟

ماذا عن باقي الوزارات؟! هل أصابها العمى عمّا يحدث؟

ألن تخسر وزارتكم الكريمة من ميزانيتها بعد هذه الإجراءات، في حين أن ورقة نقدية من فئة الخمسين كانت الدليل القاطع على الفساد؟!

ألا تخشى؟

ما هي الحكومة؟ من هي الحكومة؟ ما هي الدولة؟ ما هي مهام الدولة؟

الكلمات مصطلحات نُطلقها ونُدرك هيبتها، لكن هل نُدرك فعّاليتها؟

نعود إلى الفكرة الأساسية (الفقر) وما هو موقف الحكومة منه؟

أعلم.. أعلم أنها ترفض، تُنكِر، وتتعهّد!!

لكن ما هو السبب الحقيقي للفقر؟

هل ذلك الرجل هو الحالة الوحيدة والفريدة في مجتمعنا، فوجدنا له الحلّ ووضعنا نقطة في نهاية ملف القضية، وسنفتح ملفاً آخر؟

أسئلة لا تدور في ذهني فقط، بل الكل يطرحها علناً أو في سرّه، ولا تحتاج إلى إجابة، فإن أردتُ أن أُعرّف بالحكومة ومهامها، أفتحُ الملف بتعريف وتعداد، وأختم بتوصياتي القلبية وعواطفي الجيّاشة!!

 سأكون رتيبة الكلام، مملّة القلم.. لا داعي لحروفي أصلاً.

لكن لا بأس، سأمرُّ على أسباب الفقر التي أستطيع تلمّسها، وهي تندرج تحت بنود معينة ما بين أسباب اقتصادية وسياسية وحتى اجتماعية، لكن، لن أُعلّق الفقر على شمّاعة الحكومة وحدها طبعاً لأن العوامل متنوعة.

فمن أهم الأسباب عدم التوازن في توزيع الفرص، وكذلك انعدام العدالة الاجتماعية (عدم تطبيق مبدأ المساواة) وقلّة الاهتمام باستغلال الموارد المادية والبشرية، وحتى التوزّع الجغرافي يفرض هيبته على الموضوع، والحروب إضافة لا بدّ منها بعد سنوات سبع من القهر والفقر والتشرّد!!

وحلُّ هذه الظاهرة أو المشكلة لا يقف على الأفراد، بل يتدرّج ضمن خطط التنمية بضرورة مُلحّة، وذلك من خلال الخطط الأقتصادية والعمل على دمج وتمكين هؤلاء الافراد، وتوفير الفرص بطريقة تضمن مستوى معيشياً شبه موحد على الأقل لأفراد الدولة الواحدة.

العدد 1104 - 24/4/2024