الأمن والأمان ونهضة الأوطان

حسن البني: 

يُعتبر الشعور بالأمان والاطمئنان من الحاجات والرغبات الإنسانية الضرورية، ومن الصعب على الإنسان العيش من دونها، فقد اعتبرها عالم النفس الشهير (أبراهام ماسلو) من الحاجات الخمس الأساسية المكوّنة لهرمه الشهير (هرم ماسلو) الذي يُفسّر سلوك الفرد وتأثره بصورة مباشرة باحتياجاته المختلفة، ويُعتبر الأمان الحاجة الثانية بعد حاجة المأكل والمشرب، وفي حال عدم إشباع هذه الحاجة سيعتري الفرد الخوف والقلق من المستقبل، فهي تُشكّل عامل استقرار نفسي.

نلاحظ انعكاس هذه الحاجة على مجتمعنا السوري، الذي ذاق الأمرّين إبان الأزمة التي مرت بها سوريا الحبيبة بعد انتشار الإرهابيين في جميع المحافظات، وتدميرهم للشجر والبشر والحجر، ولكن صمود الجيش والشعب وبسالتهما في وجه الهجمة الشرسة، كانا السبب الرئيسي للتغلّب على قوى الإرهاب والشر، وإعادة الأمن والأمان إلى مختلف أرجاء الأراضي السورية.

إن الشعور بالأمان ينسحب على جميع الجوانب الأخرى في حياة المواطن اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً، فأثناء الأزمة كان واضحاً تراجع البلاد في جميع المجالات بسبب العامل النفسي الذي يرجع إلى شعور المواطنين بالخوف وانعدام الأمان، وإذا لم يشعر الموظف والعامل بالأمان فإنه لن يُنتج، وإذا لم يشعر بالإطمئنان على نفسه وأهله فإنه لن يخرج من بيته، فهناك شهداء سقطوا بسبب قذائف الموت التي كانت تسقط بشكل يومي على المناطق الآمنة التي كانت تستهدفها المجموعات المسلحة، فكان لها أثر سيئ على معنويات المواطنين. أما اليوم فأصبحنا نشعر بالفرق، فدماء الشهداء من بواسل الجيش العربي السوري، التي سالت في أرجاء الأرض السورية، وما قدموه من تضحيات كانت العون لنا، والعامل الرئيسي في عودة الأمن والأمان الذي كنّا وما زلنا نشعر به.

فنهوض الأوطان وتقدمها يرجع إلى شعور مواطنيها بالأمان وأنهم ليسوا مهددين بالقتل أو التعذيب أو التنكيل لأي سبب كان، فروعة هذا الشعور ولذّته هي التي تدفع الإنسان إلى الارتقاء من الحاجات الدنيا إلى الحاجات العليا والوصول إلى قمة (هرم ماسلو) وهو تحقيق الذات.

فشعورنا بالأمان في وطننا، يدفعنا لتدوير عجلة النهوض وإعادة إعمار ما خلّفته الحرب من دمار وتحطيم لبُنى تحتية، فعلينا ألا نجعل اليأس والتشاؤم يتملّكنا، لأننا لا نريد الرجوع إلى الوراء، بل التقدّم إلى الأمام، ويجب ألاّ ننسى تضحيات الجيش الذي أعاد الأمن للبلاد والأمان للمواطن، فكانت أرواحهم ودماؤهم الغالية سبيلاً لعودة الأمان، ولا تزال القيادة تتعهد بالقضاء على الإرهابيين وتحرير جميع المناطق السورية من كل الفصائل الإرهابية المسلحة، وهذا يعطينا ثقة بأن أمن المواطن وأمانه هو فعلاً خط أحمر.

العدد 1104 - 24/4/2024