الرشوة في حيّز المعالجة

غزل محمد عائشة:

 كشفت عدة محاولات داخل الدوائر الرسمية عن وجود خللٍ ما!! وكما هو حاصل في حكم العادة، لا توجّه أصابع الاتهام للجريمة، بقدر ما توجه للدوافع والأسباب، فمن المنطقي أخذ السابق في عين الاعتبار، فكما يقال: (عند معرفة السبب يبطُل العجب). فالحالة العجيبة هي السائدة، ما تعارف عليه على أنّهُ (عربون خدمة) والخدمات التي تقدّم من قبل العاملين في هذه الدوائر (يرخص لها الغالي والنفيس)، فتوقيع رئيس الدائرة كما توقيع موظف الديوان، وغيرها من إجراءات روتينية، لا تقدر بثمن!! عربون الخدمة أو الرشوة، في أوساط الموظفين، دائماً ما يتبعه شكوى صعوبة الأحوال المادية، وازدياد الضائقة الاقتصادية، وصولاً إلى الصلب الذي هو (الراتب الشهري)، فهل هذا التعويض لا يرضي الموظف لدونيته؟ أم لكثرة الطمع في النفوس؟

 فئات الموظفين متفاوتة من حيث المؤهلات، لكن الجميع في البوتقة ذاتها، فالجامعي كما الفئة الدنيا، يشكو القلّة فيما يتقاضاه، علماً أنّ غياب الرقابة الإدارية والمالية في أجهزة الدولة عموماّ، وغض البصر عن أدوارها الرادعة، منحت الموظف (كرت توصية) لممارسة تجاوزات عدة، وبذلك أصبح الموظف هذا ذو فضلين، الأول منهما على الدولة، يتقاضى عليه راتباً شهرياً، والثاني منهما على المواطن، الذي يمنح الموظف أجراّ يقارب متوسط يومية الموظف خلال شهر كامل، وفي الكثير من الأحيان يكون هذا الأجر هو كل ما يملك المواطن، فكما أنّ الرشوة كالفساد كالخلل، أينما حركت ناظريك تجده فإن هذا الخلل والفساد وجد بفعلٍ مُفتعَل، فحيث تلقى الرضا ترى الأمور أكثر مثالية، وأقل صعوبة، وحيث يكون الطمع، تزداد الأمور بساطةّ وسهولة، لتنهال على من حولك فترضي جيبك لا ضميرك النائم.

وعلى اعتبار أن الموظف هو أداة الوظيفة، وأنّ عمله ليس تبرعاً، فله حق مالي، من المفترض إعادة هيكلته من قبل المعنيين، ليتناسب مع حاجيات الموظف، وحجم التضخم الاقتصادي.

علماً أن للرشوة والفساد انعكاسات تطول الموظف كما المواطن كما المجتمع، فإعداد الأجهزة الرقابية السليمة خطوة لا يُستهان بها، فضلاّ عن الحاجة إلى تقييم أدوار الموظفين وإنجازاتهم، وتطبيق قاعدة الثواب والعقاب على الجميع دون استثناء، وصولاً إلى إدارة عادلة تعكس الصورة الحقيقية للدولة، ليعمّ الخير على جميع أبناء الوطن .

العدد 1105 - 01/5/2024