حنا مينه.. وداعاً!

حنا مينه.. حيّ في وجدان محبّيه

د.عبد الله الشاهر:

 

 أيها الخارج من رحم الحياة، إلى الأبدية المطلقة، سلاماً أيها الحامل وجعك على كتفك، فلتسترح وآن لك أن تخلد إلى الراحة، فأنت المنذور للشقاء منذ أن أبصرت عيناك النور.

ألهذا كنت بسيطاً في حياتك؟ ولهذا طلبت أن تكون بسيطاً في مماتك: لا حزن، لا بكاء، لا لباس أسود، لا للتعزيات! هذه لاءاتك الثلاث التي آثرت بها الصمت، كي تذهب إلى مثواك الأخير بلا عويل ولا بكاء.

 أيها الراحل عنا ما أكتبه ليس عزاء.. فلمثلك لا يكتب عزاء.

لأنك وإن رحلت عنا، لم ترحل منا، ولأنك وإن بعدت عنا، لم تبعد. فقد تركت لنا إرثاً راسخاً سيبقى يشدنا إليك، وتركت لنا روحاً متحدية طامحة بالحلم في حياة أفضل، ومع كل ما فعلت بك الأيام بقيت شامخاً تقاوم الريح، وتتصدى للهموم، محافظاً على مسار حياتك وأفكارك ولم تتزور، كنت أميناً على صوت الجماهير الذي أردت له أن يرتفع بالحق.

فيا أيها البحار الشرس الذي عاد من رحلته الطويلة لينزل مرساته (ياطره) ويحط رحاله، ويعلن للناس أن العاصفة التي ظل يقاومها بشراعه (الشراع والعاصفة) أن لها أن تستريح، فاهنأ باستراحتك الأبدية، ولروحك السلام!

ويا أيها البحار الذي صارع الريح، وأسماك القرش، آن لك أن تهجر (البحر والسفينة) وتعود إلى التراب.. إلى تراب الوطن الذي أحببت.

ويا أيها المسافر إلى حيث الأبدية، لم يبق في الذاكرة سوى (بقايا صور) تلوذ في خلجات الروح، فاحملها قدّاس صلاة!

وكن على ثقة بأنك ستبقى ذاكرة وعي لأجيال متعاقبة من الجماهير. فلروحك الرحمة، ولأدبك الخلود!

العدد 1105 - 01/5/2024