“جوهري” الرواية التاريخية

حنا مينه.. حيّ في وجدان محبّيه

د. وفيق سليطين:

 

إذا كان الجوهري في الرواية هو الشيء الذي لا يمكن أن تقوله إلا الرواية، كما يعبر (ميلان كونديرا)، فإن ذلك_ أو شيئاً ليس بالقليل منه_ هو ما يميّز إنجاز الأديب الروائي الراحل حنا مينه، في إطار التقاليد التي أرساها الفنّ الروائي، ودأب على تعميقها بتحقيق الإضافة النوعية إليها، وبفتحها على الجديد والمختلف نسبياً في مغامرة الكتابة الروائية. ويبدو أن تحقيق هذه المعادلة يغدو أصعب عندما يتعلق الأمر بالرواية التاريخية التي يتعيّن عليها أن تنافس التاريخ، بإفلاتها من قيوده عبر استلهامها له. وعلى ذلك يبدو أن جوهر الرواية لدى حنا مينه لا يستطيع أن يؤديه التاريخ في وقائعه وسروده، ولا تستطيع أن تقوله المدوّنات الحافّة بزمن المسرود، مهما كانت عليه من الغنى والاتساع.

من هنا كانت عظمة الرواية، في هذا السياق الذي يمثله (حنا مينه) وينتسب إليه، تتأتّى من المقدرة على إعطاء الأنماط التاريخية الاجتماعية تجسيداً إنسانياً حياً، على نحو ما يؤكد (لوكاتش). وتلك هي المزيّة الأساسية التي يتوفر عليها (حنا مينه) في متنه الروائي الشامخ. وهو الذي يلفت،بغيابه الآن، إلى مزيد من تأكيد قيمة ذلك الحضور.

العدد 1105 - 01/5/2024