في جمعية العلوم الاقتصادية.. التصدير خلال الحصار

النور خاص ــ هناء يوسف علي:

قدمت جمعية العلوم الاقتصادية محاضرة بعنوان (تجربة التصدير خلال الحصار) يوم الثلاثاء 14/8/،2018 ألقاها الأستاذ محمدناصر السواح في المركز الثقافي العربي بدمشق، فتحدث بطريقة مبسطة عن بدايات التصدير وكيفية تطوره مع الزمن وعن المشكلات والصعوبات والنجاحات التي تحققت بالتعاون مع الصناعيين والحكومة في الداخل والخارج فيقول : إنًّ كُل عملية بيع أوتجارة بدائية تبدأ من قرية إلى قرية تُعتبر حالة تصدير بالتبديل السلعي أو المقايضة السلعية. مثال ذلك قرية تُنتج زيت زيتون تبيع زيتَها إلى قرية أخرى تختص بإنتاج القمح والعدس لتقوم هذه القرية ببيع منتجاتها للقرية الأولى ولقرية أخرى تختص بمنتجات أخرى، وهذا يُعتبر تصديراً بين قرى ينتقل ليُصبح من قرية إلى مدينة ومن مدينة إلى مدينة أُخرى ، وليُصبح التصدير بالنهاية بين بلد وآخر. أًي بلد ليس لديه ما يُصدّره هو بلد فقير ويعيش دائماً بحالة عوز، ولن يصل إلى أي رفاهية أو إلى تحسين مستوى معيشة شعبه.

ويتابع حديثه عن أنواع الدول، فالأول : نوع يعتمد في معيشته على السياحة والخدمات، وهو بلد خدمي يتأثر بأي هزة أمنية تحصل فيه أو بالبلاد المجاورة له أو بأي كوارث طبيعية ( زلازل، براكين،..) تحدث لديه ويؤدي إلى انهيار هذا البلد. والنوع الثاني هو النوع الذي لديه مقومات التصدير من انتاج وتصنيع ثروات باطنية وزراعية ، وهو بلد اقتصادي لا ينهار رُغم ما يمر عليه من ظروف أمنية وحصار وكوارث طبيعية، لأن لديه كل المقومات الاقتصادية لنهوضه من جديد. ومثال ذلك العراق، فبالرغم من كل ما عانى خلال السنوات الماضية من حروب وأزمات، استطاع بفضل ما لديه من صادرات نفطية النهوض وإعادة بناء اقتصاده من جديد.

المثال الثاني الأرجنتين بالرغم من حالات الإفلاس التي تأثرت بها إلا إنها بما لديها من صناعة المعادن، والسيارات، والشاحنات، وأنابيب النفط، وصناعة المواد الكيميائية، والمعدات الكهربائية. والمواد الغذائية والزراعية كالمتة وغيرها، بقيت من الدول الرائدة عالمياً. أيضاً البرازيل لديها من ثروة حيوانية وصناعات كيميائية، وصناعة السيارات، والطائرات والأسلحة، والمواد الزراعية كالبن البرازيلي المشهور الذي يجري تصديره إلى كل دول العالم. كما أنّ هنالك دولاً تملك مقومات للإنتاج والتصنيع والتصدير، وليس لديها خبرة في مجال الصناعات والفكر الصناعي التصديري، تقوم بتصدير العمالة البشرية كالفلبين وإندونيسيا.

ويؤكد السواح نتيجة هامة لكل بلد في العالم يريد أن يرتقي: إن التصدير عماد الحياة الاقتصادية، ويستشهد بمثال يردده اليابنيون عن أهمية التصدير لأمن البلد وبقائه

 

يقول اليابانيون: (التصدير أو الموت)

عندما بدأت الحرب على سورية كان لابد من التعاون بين الصناعيين والتجار والحكومة ليبقى اقتصاد سورية وأمنها، وبسبب الطلب على البضائع السورية من الخارج واستمرار الصادرات السورية رغم كل الظروف وحفاظها على جودتها ونوعيتها، ومن هنا بدأنا بإيجاد سبل لتجميع معظم الصناعيين والمنتجين الذين لديهم القدرة على التصدير، وإيجاد الحلول مع الحكومة لنبقى بالحد الأدنى قادرين على الاستمرار بالتواصل مع الأسواق الخارجية. وأشار إلى أن البداية كانت من القطاع النسيجي، حيث تم نقل المعارض التخصصية النسيجية من سورية إلى لبنان، مصر، العراق، إيران، الأردن، الإمارات، باعتبارها الأسواق المتاحة لنا في تلك المرحلة وجرت دعوة رجال الأعمال المستوردين لزيارة هذه المعارض لتثبيت عقود تصديرية مع المنتجين والصناعيين بضمانة اتحاد المصدرين السوري كدفع رعابين وتسليم، لأن الوضع لم يكن آمناً بالنسبة للمستوردين. وكنا نقوم بالشحن بحراً وجواً ، وتابع في حديثه: شكلنا شبكات عائلية من خارج الحدود تشمل كافة الجغرافيا المستهدفة في العالم للترويج عن البضائع وتجميع أموال الصادرات وتحويلها. بعد ذلك عملنا على فتح معابر ترابية غير شرعية إلى العراق وذلك بموافقة الحكومتين السورية والعراقية وأدخلنا بضائعنا بطرق غير معروفة إلى العراق لتجنب عبورها عبر الطرق الموجودة عليها القوات الأمريكية والمسلحون. ويؤكد السواح تحقيق إنجاز هام في تاريخ سورية من رحم الألم والحظر الخارجي أنه استطعنا أن نثبت للعالم أجمع أنّ منتجاتِنا وصناعاتِنا ما تزال متماسكة وما تزال ذات جودة ونوعية عالية. وبعد أن بدأ الوضع الأمني بالتحسن وبدأ الأمان يعود إلى دمشق بدأنا بتنظيم معارض داخل دمشق واستضافة رجال أعمال مستوردين من الخارج، وتقديم ميزات لهم من خلال تقديم تذاكر السفر والإقامة، وكان التجاوب من رجال الأعمال المستوردين بطيئاً أول مرة، فقد زار سورية في أول معرض 130 رجل أعمال من ست دول، ثم ما لبث العدد أن زاد بعد أن لمس رجال الأعمال الأمن والأمان في دمشق ليصبح عدد زوار المعرض الثاني 600 رجل أعمال مستورد، وليصبح في المعرض الثالث 800 والمعرض الرابع 1200 رجل أعمال مستورد من 30 دولة.

وتم إقامة أكبر معرض للمنتجات السورية في بغداد استمر لشهر كامل، وقام بزيارته أكثر من مليون زائر، ودخلت بضائعنا المختلفة (مواد غذائية، وكيميائية، ومنظفات وألبسة وغيرها) بحدود 1000 طن إلى أكثر من 200 ألف بيت عراقي ، وكان هذا المعرض هو رسالتنا للسوق الأول لنا العراق (ها قد عدنا). كما تم إقامة معرض بيع المباشر للبضائع السورية في مدينة بنغازي في ليبيا خلال شهر رمضان المبارك، باعتبار أن ليبيا تعتبر مركز عبور إلى شمال إفريقيا وخاصة تونس وتشاد والنيجر.

وفي نهاية المحاضرة طرحت عدة أسئلة تناولت ما جاء في المحاضرة، وتساءلت عن جدوى الحديث بالصادرات وايراداتها أثناء الأزمة والغزو إذا كانت الأرقام غير موثوقة، والإيرادات تصل بطرق غير نظامية؟ ومن كان المستفيد؟ وماهي إيرادات الدولة من هذا النشاط التصديري؟ وهل أدى التصدير بموجب هذه الطرق إلى تحسن وضع الاقتصاد السوري؟ أم كان لفائدة فئة معينة من المصنعين والتجار؟

العدد 1105 - 01/5/2024