زكيّ

هو طفلٌ رائعٌ وذكيّ، قادرٌ أن يقولَ لكَ معلوماتٍ كثيرةٍ عن الدماغِ، جرّبهُ أيضاً بأيِّ تحليلٍ علميٍّ، واسألهُ أيَّ سؤالٍ عن جسمِ الإنسانِ تره جاهزاً وحاضراً للإجابةِ بطلاقةٍ وسرعةِ بديهةٍ، فزكيٌّ يأملُ ويحلمُ أن يصبحَ طبيباً.

كَبُرَ زكيّ وارتفعت صفوفهُ وكانَ من الأوائلِ، ولكنهُ كلما كَبُرَ أحسَّ أنَّ المنهاجَ يصعبُ والمفاهيمَ تتغيرُ. فإنهُ قد توهّمَ أنَّ المدرسةَ هيَ علمٌ ومعلوماتٌ وليست جهداً وعلاماتٌ، تغيّرت نظرتهُ إلى المدرسةِ، وأصبحَ يواجهُ صعوباتٍ في (سباقِ العلاماتِ).

ها قد حانَ وقتُ اختباركَ يا زكيّ في الثانويةِ العامةِ؛ هنا يا زكيّ ستثبتُ لنا ذكاءكَ، هيّا يا زكيّ بيّض لنا وجهنا فنحنُ موعودونَ بكَ،.. درسَ زكيٌّ وتمنّى في قلبهِ أن يستجيبَ القدرُ لدعواتِ أهلهِ ولأمنيتهِ في تحقيقِ الطّب، فهذا الفرعُ بالنسبةِ لهُ عبارةٌ عن مهنةٍ إنسانية رائعةٍ ومعلوماتٍ قيّمةٍ واجتهاداتٍ وخبراتٍ واسعةٍ سيقدمها لنفسهِ وللناسِ والمجتمعِ… فوجئ زكيٌّ أنَّ الوصولَ إلى الطبِّ هوَ معادلةٌ ومسألةٌ- هوَ تعريفٌ وتعدادٌ- هوَ ظلٌّ وتظلٌّ… عشقهُ للعلومِ لم يحقّق لهُ أمنياتهُ، فالطبُّ حلمٌ صعبُ المنال.

بعد الامتحانِ (قررَ)  زكيٌّ دخولَ أيَّ فرعٍ يُقبلُ فيهِ، فعلاماتهُ هي التي حدّدت حياتهُ وطموحهُ، وليسَ شغفهُ ورغبتهُ واجتهاداتهُ.

العدد 1105 - 01/5/2024