الحق في حرية العقيدة

تتجلى حرية العقيدة في أن الإنسان حر في اعتناق واختيار ما شاء من الأفكار والتصورات حول الإنسان والكون والحياة، وإعلان هذا التصور  دون إكراه أو ضغط في اعتناق عقيدة معينة أو تغييرها بأي وسيلة من وسائل الإكراه.

وتتضمن حرية العقيدة حرية الاعتقاد الديني من جهة أولى، وأن يكون اعتناق هذه العقيدة مبنياً على اقتناع عقلي واطمئنان قلبي.

وجاء في المادة 18 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان  (لكل شخص الحق في حرية التفكير والضمير والدين، ويشمل هذا الحق تغيير ديانته أو عقيدته، وحرية الإعراب عنهما بالتعليم والممارسة وإقامة الشعائر ومراعاتها، سواء أكان سراً أم مع الجماعة).

كما جاء في المادة 9من قانون حرية الفكر والوجدان والدين في بريطانيا:

1- لكل شخص الحق في حرية الفكر والوجدان والدين، ويشمل هذا الحق حريته في تغيير دينه أو معتقده وحريته، إما وحده أو مع جماعة، وأمام الملأ أو خاصة، في إظهار دينه أو معتقده، في العبادة، والتدريس والممارسة.

2- يجب ألا تخضع حرية المرء في إظهار دينه أو معتقده إلا للقيود التي ينص عليها القانون، والتي تكون ضرورية في مجتمع ديمقراطي لصالح الأمن العام، لحماية الصحة العامة أو النظام أو الآداب العامة، أو لحماية حقوق الآخرين وحرياتهم.

فالحق في حرية العقيدة بالتعريف هو حق المواطن في الاعتقاد بما يشاء من الأديان المعترف بها من قبل الدولة  الوطنية التي يعيش على أرضها، على أن تقوم هذه الدولة بتمكين جميع مواطنيها من ممارسة شعائر أديانهم وصيانة هذه الحقوق من أي اعتداء.

والحق في حرية الاعتقاد يعني بالضرورة حق المواطن في تغيير دينه، أو عدم الانتساب إلى أي دين متى شاء.

لا يوجد في قوانين الدول العربية أي نص يشير إلى حق المواطنين في حرية الاعتقاد، حتى في الدول ذات الطابع العلماني، وذلك لتضارب مثل هذا النص مع النظم العامة في هذه الدول.

والنظام العام هو مجموعة القيم و الأعراف التي تقوم عليها المجتمعات في فترة زمنية معينة. وإذا علمنا أن مجموعة القيم و الأعراف في بلداننا العربية مستمدة بشكل أساسي من الدين، علمنا بالتضارب الفعلي الحاصل بين هذا الحق المذكور سالفاً والدين. لذلك لم تستطع حتى النظم العلمانية العربية من تبني مثل هذا النص في دساتيرها، وإن تبنّى بعضها  احترام الدولة لجميع الأديان وحرية المواطنين في ممارسة شعائرهم الدينية، كما جاء في البند الثالث من المادة الأولى في دستور الجمهورية العربية السورية:

(تحترم الدولة جميع الأديان، وتكفل حرية القيام بجميع شعائرها، على أن لا يخل ذلك بالنظام العام).

ومثال على ذلك تحفُّظُ الحكومة السورية على إحدى مواد اتفاقية حقوق الطفل، التي تقول بحق الطفل في اختيار الدين، رغم مصادقة سورية على الاتفاقية ككل.

العدد 1104 - 24/4/2024