مواطنٌ يحتجُّ على الفساد فيقرر الهجرة

كلُّ مواطنٍ (شريفٍ) فينا يكرهُ الفسادَ المستشريَ بينَ مفاصِلنا؛ فكلّ حركة نقوم بها علينا أن ندَفعُ ثَمنها.

 سؤاليَ الّذي أبحث عن جواب له: هلِ الفسادُ صنيعتنا أم مفروض علينا؟

عندما يبني مواطنٌ بشكل مخالف وتأتي البلديةُ لتخالفهُ فلن يتوانى عن دفع الرشوة مباشرة، ولن يتوانى الموظف  عن قبول تلك الرشوة،  فهل أتهمهُ هوَ بالفسادِ أم تلكَ البلديةِ التي ليست لهُ -هوَ شخصيّاً- ثقةٌ بأخلاقيّتها و يدرك أنها تميل حيث المال؟

وعندما يخالف مواطن  قواعدَ السّيرِ، من حزامِ الأمانِ إلى السرعةِ الزائدةِ إلى تجاوزِ الإشاراتِ….، وأراه  يرشو الشّرطيَّ  الذي يوقفه، أفألومُ قائدَ المركبةِ (والقيادةُ فنٌّ وذوقٌ وأخلاقٌ)، أم ألومُ الشرطي الّذي لم أشكَّ يوماً بابتلاعهِ للّيراتِ، بل اعتاد على ذلك؟

وأسمعُ بمواطنٍ أرادَ (رشوةَ) موظّفٍ حكوميٍّ ليعجِّلَ معاملتهُ على حسابِ مواطنينَ آخرينَ؛ ومواطنٍ رشا القاضيَ ليبرئهُ على حسابِ المظلومِ؛ ومواطنٍ دفعَ ليأخذَ مكاناً في وظيفةٍ للدولةِ على حسابِ من يحتاجُها ويستأهلُها حقاً.

من أحاكمُ، ومن أعاتبُ؟ أأعاتبُ أصحابَ البيتِ على تجاوزهم أُسُسَ بيتهِم، فيقومُونَ بتخريبِ أثاثِهِ، وتسميمِ نفوسِ أصحابهِ؟ أم أعاتبَ المسؤولين في البيت الّذين لا أثقُ بولائهِم وإخلاصهِم وقدرتهِم على حمايةِ البيت؟

ولكلّ راشٍ مرتشٍ..

 أما ما يغيظني في كل ذلك فهو أن من يحتج على الفساد  والذي يدور في دائرته، بدلاً من أن يحاول  إعادة البناء والبدء من نفسه …يقرر الهجرة!

العدد 1104 - 24/4/2024