أين اختفى الاحتمال المعقول؟

إن إبراهام لنكولن حي يُرزق ويتلقى أموالاً بصورة غير قانونية في قبرص. هو أو ربما إريك لافي وأمنون لبكين وآفي لوزون أو شخص ما متصل بالشركة التي تديرها ابنة أفيغدور ليبرمان. من يمكن أن يكون هذا؟ هذا تحدٍّ تحقيقي كبير ولغز لا يوجد له حلاّل.

في ملف ليبرمان المأسوي – الكوميدي من السُّخف أن نسمع ذرائع إلغاء مسودة الاتهام قريباً (ما عدا الترفيع المرفوض لمنزلة السفير زئيف بن – آريه). ومن المحزن أن نرى تعوج المستشار القانوني للحكومة. إن المحامي يهودا فنشتاين، وهو رجل حروب في تصوره لذاته، هزمته قوى لم يكن بعضها تحت سيطرته؛ وهو لا يُنكر الإيقاع البطيء بصورة مخيفة لعلاجه الشخصي للملف الجنائي.

في 13 نيسان 2011 أعلن فنشتاين أنه يرى أن ليبرمان خالف مخالفات جنائية شديدة، منها احتيال وخيانة ثقة، والحصول على أشياء باحتيال وتبييض أموال وغير ذلك؛ وإذا (رغب) ليبرمان فسيعرض على المستشار دعاوى حقائقية وقضائية في الاستجواب. وليس المتهمون المحتملون معنيين دائماً بالاستجواب، لئلا يُكشف فيه عن الخط الدفاعي ويساعد ذلك النيابة إذا حوكموا في نهاية الأمر.

كان فنشتاين في ذلك اليوم ولأكثر من سنة بعده على يقين من تأثيم ليبرمان. وهو يُقدر الآن أن لائحة الاتهام التي استقر رأيه عليها كانت ستتحطم على صخور المحاكمة. إن مستشار شتاء 2011 ينفي نفسه كيف كان في ربيع 2011. إن ليبرمان برغبته في الاستجواب قد أنقذ فنشتاين الذي كان سيؤثم ثم يخرج مُبرَّاً. إن فنشتاين يعارض دحرجة ملفات جنائية حدودية من النيابة العامة إلى المحاكم، وهو يرى أن المسؤولية تقف عنده. وقد أحسن فنشتاين الصنع لأنه تراجع، وقد تحول ملف جنائي صلب إلى ملف حدودي فجأة.

بيد أن الاستجواب ليس ذريعة. بالعكس، إن جميع الدعاوى ارتفعت وانخفضت في استعدادات فريق الادعاء. ولا جديد في إحجام مواطني دول أجنبية عن الشهادة على وزير عظيم القوة. إن رئيس شعبة التحقيق والاستخبارات في الشرطة يوآف سغلوفيتش الذي يعارض بما أوتي من قوة إغلاق الملف، ويراه فنشتاين صاحب خبرة وقيم، يستطيع أن يُحدثه عن مبلغ انتشار هذا الإحجام. وإن هذا لا يدل على كيفية سلوك المدعوين إلى الشهادة. فما الذي يوحي به جهاز فرض القانون باستسلامه؟

إن لتراجع فنشتاين سبباً آخر خارجياً، وهو نقص مفاجئ من التوازن المسمى (احتمالاً معقولاً للتأثيم). فإذا كانت النيابة العامة وعلى رأسها المستشار ترى وجود احتمال كهذا فإنها تقدم ادعاءً، وإلا أغلقت الملف الجنائي. وقد كان مثل هذا الاحتمال قائماً في نيسان 2011 وفي الصيف من هذا العام أيضاً. فأين اختفى؟ ومن الذي أخفاه؟

إن الجواب المعوج ثلاثي، إنهم القضاة: موسيا أراد، ويعقوب تسبان، وموشيه سوفال، الذين أدهشوا المدعين – ومعهم مراقب خبير غير مشارك مثل فنشتاين – حينما برَّؤوا أولمرت في قضيتي ريشون تورز وتلانسكي. وقد رُفع استئناف على قرارهما المُغضب لكن روح الادعاء في تلك الأثناء سقطت من غير قيام. وارتجف الفريق حول فنشتاين الذي تحول عن تأييد جازم لاتهام ليبرمان إلى ضعف الرأي. لا يشُكُّون هناك بالحقائق ولا في تفسيرها القضائي بل في ردود القضاة الذين قد يبحثون في قضية ليبرمان في المحكمة اللوائية نفسها في القدس.

صُوّر فنشتاين باعتباره محامياً عظيم الانتصارات، مثل داود في مواجهة جولييت المؤسسي. ولم يعد محارباً وحيداً باعتباره رئيس الادعاء، فهو الملك داود مع يوآف بن – سرويا ووزراء الجيش والفرق العسكرية الذين أصابتهم روح الاستسلام. وهكذا ينقضي مجد الروح القتالية.

إن الطريقة الوحيدة لمنع ضرر لا يمكن إصلاحه هي تأجيل القرار على اتهام ليبرمان حتى بمواد خطيرة إلى أن تبت المحكمة العليا في استئناف الدولة في قضية أولمرت. فاحتمال التأثيم المعقول الذي ضاع في المحكمة اللوائية قد يظهر من جديد في المحكمة العليا. إن الزمن ومحاكمة أولمرت عملا في مصلحة ليبرمان إلى الآن، وقد يعملان في غير مصلحته الآن.

أمير أورن

(هاآرتس)، 2/12/2012

العدد 1105 - 01/5/2024