نحن الشباب… لبناء عالمٍ جديد

أثبتت جميع التجارب بما لا يدع مجالاً للشك أن بناء المستقبل المنشود والمزدهر للأجيال القادمة بناءً صحيحاً خالياً من جميع مظاهر الغبن وأشكال التفاوت، هو عن طريق بوابة الشباب القائمة على ثقافة التغيير، لأن مستقبل الأمة نابع من طاقات عناصرها الفتية، فهم فعل اليوم وأمل المستقبل، إنهم الركن الأساس الذي ترتكز عليه في نهضتها وتطورها وسعيها نحو الأفضل، وبنظرة فاحصة لدور الشباب ونظرتهم نحو التغيير تتأثر إلى حد كبير بإدراك الفرد لذاتهِ وللأهداف التي يسعى إليها والعوائق التي تمنع تحقيق هذه الأهداف، وتتأثر نظرة الفرد إلى المستقبل بالجوانب الاجتماعية والبيئة النفسية التي يعيشها، وهي تشمل جميع الأحداث التي تؤثر بالفرد ويتأثر بها.

التقت جريدة (النور) مجموعة من الشباب والشابات للتعرف على اتجاهاتهم نحو مفهوم التغيير. البداية كانت مع الشابة لجين، التي حدثتنا عن دور الشباب بالقول: (عندما نقول في بلادنا اليوم يمر سن الشباب وهم ضائعون، يتلمسون الطريق فلا يجدونهُ، الأكبر سناً يعتبرونهم ناقصي خبرة، وربما عقل أيضاً! يقولون إن الشباب عماد الأمة وبناة المستقبل، لكنهم لا ينصفون لا قولاً ولا فعلاً، ولا بد من تغيير النظرة تجاه الشباب، بل وفتح شتى المجالات لهم، وسترون عجب العجاب.

إضافة إلى ذلك: من هنا علينا أن نؤمن بأن الشباب ثروة المجتمع، والاستثمار فيهم هو أفضل استثمار، فمكاسبه مضمونه ولا خسارة فيه. وعلى المسؤولين في عالمنا العربي أن يفهموا أن التغيير يجب أن يحدث كرهاً لهم، ولكن يجب عليهم أن يتفهموا أننا في عصر العقول الشابة التي فهمت مزايا هدا العصر وتفاعلت معه، لا العقول التي هرمت ولا تستطيع أن تقدم ما يفيد الأمة. الشباب يحتاج إلى التوجيه، وإلى التمتع بالمهارات المناسبة التي تساعده على النجاح في كل مجالات الحياة، من إدارة عامة وقيادة إدارية وإبداع فائق. لن يتعلم الشباب هذه المهارات ما لمْ يستطع أن ينهل من خبرات الآخرين في مرحلة مبكرة من حياتهِ، حتى نستطيع أن نرى في الأجيال القادمة المدير الشاب والعالم الشاب والوزير الشاب وحتى الرئيس الشاب!).

وعن العوائق التي تقف أمام التغيير الثوري تحدَّث إلينا الشاب إيفان بالقول: (الاستبداد ليس نظاماً فحسب، بل هو ثقافة سياسية واجتماعية تنتجها السلطة وتوزعها على المجموع، تعبير شائع يحكي قصة الخوف الدائم من رفاق الثورة. وعادة ما يكون الفريق المتهم بالسرقة واحداً من أطرافها، أو الملتحقين بها. ويتفق شباب التغيير على رفض الواقع القائم إذ الحكومة المستبدة تهدر الحقوق، ولهذا تحدث الثورة. وتحمل البدايات – غالباً -شعارات عامة، بسقوط النظام المستبد، وزوال الدكتاتورية، ومطالب عامة بالحكم الرشيد، والعدالة، والحرية، والشفافية، وفصل السلطات، واستقلال القضاء.. وهذه مجملات متفق عليها. وحسناً تفعل الثورات حين تفعل ذلك، حفاظاً على وحدتها، واقتصاراً على القدر المتفق عليه بين أطيافها، ثمَ يختلف الناس بعدئذ على الصورة البديلة، لاختلاف مدارسهم، وتوجهاتهم، وأيديولوجياتهم. وربما ظلَ خلافاً إعلامياً، أو تطور إلى تراشق، وقد يصل إلى حد الاحتراب، والتصفيات الجسدية! ليس غريباً أن تحل دكتاتورية شخص أو دكتاتورية أيديولوجيا مكان الدكتاتورية البائدة.

أما عن تفعيل دور الشباب في التغيير، فقد تحدثت الشابة ألمى بالقول:

(يجب العمل على دعم وتوجيه شريحة الشباب نحو واقع أفضل، وإبراز أهمية تغيير واقع الشباب الأليم، وبيان حقوق الشباب في الشريعة والقانون، وإبراز التحديات التي تواجههم وسبل معالجتها، والمساهمة في بناء قيادة شابة تعمل على تفعيل دور الشباب في التغير.

كما يجب العمل على إعداد خطة استراتيجية وطنية للشباب توضع بموجبها أسس الارتقاء بالشباب والنهوض بهم، حتى يأخذوا دورهم في البناء والتغير، ودور التأهيل والتدريب في بناء الذات، وواقع التعليم والعمل في حياة الشباب.

 وعن التحديات الشبابية التي تواجه شباب التغيير تحدثَ الشاب حازم قائلاً: (التحديات الشبابية تشتمل على التحدي الاقتصادي والتنموي، التحدي الاجتماعي والنفسي، التحدي الإعلامي، التحدي السياسي والقانوني، والتحدي العلمي والثقافي، من هنا يجب تفعيل دور المؤسسات تجاه الشباب، من دور المؤسسات الأهلية والمجتمع المدني، ودور وكالة الغوث والمؤسسات الدولية، ودور العالم العربي والإسلامي، دور الحكومة، إلى جانب تناول تجارب ناجحة في القطاع الشبابي، وصناعة المستقبل لتشمل دور الشباب في التغيير، الحاضنات الإبداعية، المجموعات الشبابية، ودور الشباب في تغيير مفهوم التغيير التقليدي.

إن مفهوم التغيير عند الشباب كان حدثاً عظيماً، لأنهُ يعبر عن روح تسري خارج إطار التنظيمات والأحزاب والأطر التقليدية. فحتى الفعل النبوي لمْ يستبعد أحداً من أهل المدينة، حتى أهل الكتاب والمنافقين وحديثو العهد بالإسلام، لمْ يكن مشروعاً إقصائياً ولا دموياً، كان شعاره (الاستيعاب والتكامل والتطمين).

وجاء الشباب ليقول: نريد الحرية السياسية، العدالة وتكافؤ الفرص، محاربة الفساد المالي والإداري، واعتماد الشفافية بمعاييرها العالمية، والتنمية الشاملة المستدامة بأحدث وأوسع مفهوماتها المستوعبة لحقوق الإنسان، والبيئة، والصحة، والتعليم، والإعلام، والأسرة.. للأجيال الحاضرة والقادمة، لبناء عالمٍ جديدٍ.

العدد 1104 - 24/4/2024