دور المرأة في السياسة «برستيج» أم حقيقة؟

لم يكن مستغرباً عدم وصول المرأة إلى مراكز قيادية في السياسة، بقدر الاستغراب من استهجان الناشطين والمهتمين بالشؤون السياسية في العالم العربي من عدم وصولها إلى مواقع صنع القرارات السياسية..

متجاهلين أن وجود المرأة في السياسة لم يكن إلا صورة لواقع يعدُّ عمل المرأة في السياسة ما هو إلا تجميل له ونوع من الرفاهية والبهرجة الإعلامية.

فكيف يمكن أن تصل المرأة إلى السلطة السياسيّة وأن تأخذ دورها كمواطنة وحقها المشروع في مواقع صنع القرار، في ظلّ قوانين ودساتير تعدّها من الدرجة الثانية؟

كيف يمكن لامرأة ليس لها حق تزويج نفسها دون ولي للأمر أن تتولى شؤون دولة أو منظمة؟ كيف لامرأة لا تقبل شهادتها أمام المحاكم الشرعية لأنها ناقصة عقل إلا بوجود امرأة أخرى لتعادل بها ذكراً ولو كانت وزيرة؟ أو لا يحق لها تولّي مهنة قاضية شرعيّة، أن يؤخذ بكلامها وأن يكسب مصداقية؟

كيف لامرأة ليس لها حق الولاية أو الوصاية على أولادها أو أحد أفراد أسرتها فقط لأنها أنثى، ولأن هذا حقّ مشروط بالذكورة، كيف لها أن تتولّى رعاية بلدة أو دولة؟

كيف لامرأة لا يحق لها أن ترث بشكل متساو مع الذكر، أو لا يحق لها الإرث بالمطلق، في ظل مجتمع يحرم المرأة من ذلك بالتواطؤ مع القانون، أن تصبح شريكة منافسة للرجل مادياً أو معنوياً؟

كيف لامرأة يمكن أن ترمى في لحظة خارج الأسرة الزوجية بقرار منفرد من الزوج، أو أن تصبح في مرتبة الزوجة الثانية أو الثالثة، بأن تشعر بأن لها كياناً محميّاً وثابتاً في المجتمع، قادرة على اتخاذ القرارات دون خوف أو توجّس؟

كيف في ظل قوانين تبرر قتل المرأة دفاعاً عن الشرف، وتعامل الرجل بطريقة مختلفة في معظم القوانين الأسرية والأخلاقية، أن ترسّخ في أذهان المجتمع أن المرأة ليست أقل مرتبة من الرجل وليست هي معيار الشرف في المجتمعات؟

كيف لدولة لا تعترف بحق المرأة في منح جنسيتها لأبنائها أسوةً بالرجل، باعتبار أن منح الجنسية بموجب حق الدم هو أمر متعلق بالدم الذكوري لا الأنثوي، أن تعترف بحق المرأة في أن تستلم منصباً سياسياً يتحكم بالرجال والنساء على السواء.

هذا هو حال المرأة في معظم الدول العربية ومنها سورية، فالغريب أن تتولى المرأة منصباً سياسياً. وليس الغريب عدم توليها ذلك. وما كل الكلام المتعلق بحق المرأة في الوصول إلى السياسة إلا كلام مبتور ومنقوص في ظل قوانين غير مساوية ودساتير ترى أن المرأة مواطن من الدرجة الثانية، فكل ما وصلت إليه النساء سابقاً في مجلس الشعب أو الوزارات أو المناصب ما كان إلا تنفيذاً لقرارات عليا وليس تتويجاً لمسيرة النساء ودورهن المتنامي.

لأجل أن تأخذ المرأة دورها في السياسة، ولو عن طريق الكوتا، لا بدّ أولاً أن تتحرّر من القيود القانونية ومن تابعيتها للآخرين واستقلالها الاقتصادي والاجتماعي.. وعندئذ فقط ستنتخب انتخاباً وسيكون لها أنصارها من مختلف البيئات والأجناس.

العدد 1105 - 01/5/2024