تجارة الأعضاء بين المحظورات والمسموحات

غزت تجارة الأعضاء البشرية العالم، وأصبحت من ضروب التجارة المحرمة، لهذا شغلت قضية بيع الأعضاء البشرية أذهان كثير من الناس. وإزاء رغبة المريض وأمله في الحياة وحاجة المتبرع للمال أو طمعاً فيه فقد أدى إلى تباين الآراء بين المشروعية القانونية وبين الحلال والحرام. وفي هذا نجد أن القوانين الوضعية لم تُجِزْ بيع الأعضاء البشرية بل حظرته، كما لم تقره كل الشرائع السماوية وحرمته منعاً لاستغلال الإنسان لأخيه الإنسان وتقليل قيمته.

 لذلك نجد أن المشرع السوري نظم موضوع نقل وغرس الأعضاء البشرية منذ عام 1972 بالقانون رقم 31. فقد أقر المشرِّع نصوصاً محددة وخاصة لتعالج هذا الموضوع وتحديد التزامات أطرافه وبين طرق العمل الواجب الأخذ بها. ثم أصدر قانون جديد رقم 30 لعام 2003 مراعياً التطورات الحديثة، ملبياً احتياجات متعددة، أهمها الاحتياجات الإنسانية والطبية. وبذلك نجد أن الأصل في بيع الأعضاء البشرية هو الحظر، مع استثناء حالات الضرورة (الضرورات تبيح المحظورات) مع وجود معيار محدد للضرورة، حتى لا يفتح الباب على مصراعيه ويصبح بيع الأعضاء البشرية أمراً مباحاً. وهذا ما أكده القانون السوري الجديد في المادة 7 منه حيث عد عملية بيع الأعضاء والاتجار بها جريمة عاقب عليها من يخالف أحكام هذا القانون بالحبس من 6 أشهر إلى شهرين، وغرامة 500 إلى 000,10ليرة سورية، وبالأشغال الشاقة المؤقتة والغرامة من 50 ألف إلى 100 ألف لكل من يقوم بالاتجار ونقل الأعضاء. وإذا تم تعاقد يكون العقد منعدماً. ومع اتساع انتشار عمليات نقل وزرع الأعضاء في وقتنا الحاضر، فإن ذلك يتطلب وضع هذه العمليات في إطارها القانوني الصحيح، مع تعاون العاملين بالطب بما يحقق التكامل الذي يؤدي إلى سعادة البشرية. وذلك بأن يقدم الطبيب الوسيلة الفنية الطبية ويقوم رجال القانون بتقديم الإطار القانوني الذي يحمي حقوق الآخرين. وبذلك لا يطغى التقدم العلمي على مصالح البشر. فالقانون هو الذي يحمي ويصون حرية الإنسان وكرامته في معمعة التقدم وتطور الطبي والعلمي الذي نشهده الآن في مجال علم الأحياء والهندسة الوراثية.

العدد 1105 - 01/5/2024