الموت الرحيم نظرة خاصة في القانون

ابتدعت المجتمعات الإنسانية مصطلح الموت الرحيم أو القتل الرحيم لتبرير التعدِّي على حياة الإنسان لتخليصه من آلامه الجسدية أو المعنوية. وهذا ما رفضته وحرمته كل الشرائع السماوية لاعتباره فكرة غير أخلاقية وخارجة عن نطاق قدسية الحياة الواجب المحافظة عليها، رغم مسوغات الرحمة التي تكتنفها والتي ضمنتها كل القوانين في العالم، ما عدا هولندا التي نظمت (قانون الموت الرحيم). فالقتل هو القتل تحت أي مسمى أو شكل كان (طوعي، قسري،سلبي، إيجابي). فالقتل الرحيم نوع من القتل ارتكبه شخص بعيد عن الإجرام (أب، أخ، ولد، طبيب، ممرض) بدواعي الشفقة والرحمة بأسلوب طبي غير مؤلم. وحكمه الشرعي التحريم المطلق وهذا ما أكد عليه القانون السوري باعتباره نوعاً من القتل القصد وليس سبباً للإعفاء من العقوبة، وذلك بنص المادة (538) قانون عقوبات: (يعاقب بالاعتقال عشر سنوات على الأكثر من قتل إنساناً قصداً بعامل الإشفاق، بناءً على إلحاحه بالطلب). وأيضاً المادة (539) منه، فقد أخذ المشرع السوري الأعذار المخففة للعقوبة في حالة القتل بناءً على رضا المريض بشرط الإشفاق والإلحاح، فالصفة الجرمية للقاتل تنتفي دون انتفاء عنصر التجريم.

 فالمنظور القانوني للقتل هو إزهاق روح إنسان حي، حتى لو كان ميئوساً من شفائه، حتى تحين وفاته طبيعياً. ورضا المجني عليه لاقيمة له في جريمة القتل، فلا عبرة هنا لبواعث الشفقة. وبذلك لم ينل القتل الرحيم المصداقية، وبقي مرفوضاً اجتماعياً ودينياً وقانونياً، رغم وجود أنصار له لتطاوله وإساءته بحق الإنسان في الحياة. وواجب الطبيب حماية الحياة الإنسانية لإيجاد العلاج المناسب والعناية اللازمة. وعلى الدولة إيجاد الحلول المناسبة لمنع هذا التعدي على قدسية الحياة بتوفير أماكن وملاجئ لأصحاب العلل المستعصية بوجود متخصصين في شتى المجالات وتطوير الأدوية المسكنة والمخابر الطبية تحت إشراف وزارة الصحة فتخليص المريض من ألمه مقترن بالأخلاق الدينية، لأنه إهانة للإنسان رغم الألم والعذاب والاستنزاف المادي، (سر الحياة لم يفهم هل هو حق لنا أم واجب علينا).

العدد 1105 - 01/5/2024