ضربة الشر من محور الخير في مواقع النت

لطالما كانت الدولة السورية البلد المنشود فيها بالأمان والاستقرار والتحدي والصمود في وجه الأعداء والصهاينة…ولطالما اشتهر الشعب العربي السوري المعطاء بكرمه وطيبته والشعور بآلام الآخرين وحبه للمساعدة وتقديم الدعم ومؤازرة الشعوب المتضررة على جميع الأصعدة وفي كل الأزمنة.

لكن مع الأسف يمر الآن هذا البلد الحبيب بوعكة سياسية دموية أدت إلى خسران العديد من أبنائه بسبب مرور غيمة حزن ضبابية حاكتها الدول المنزعجة من سلام بلدنا الحبيب وأمانه، ومن مقاومة شعبه البسيط والكادح الذي يقاوم وجه الفقر وجميع الظروف السياسية والاقتصادية الخانقة محاولاً أن يبني نفسه ويتقدم ليعبر من تخلفه نحو مستقبل أفضل له ولبلده.

في ظل جو  مشبع بالقلق والتوتر والاضطراب الذي عاشته سورية والشعب السوري والذي تجاوز السنتين والنصف أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة (باراك أوباما) نيتها القيام بضربة عسكرية ومعنوية جديدة لسورية العزيزة دولةً وشعباً.

انتفض الشارع العربي السوري والعديد من الشعوب العربية والأجنبية لوقع سماع هذا الخبر، الذي أصبح حديث الكبير والصغير فجأة، وانتشاره بسرعة رهيبة في الأجواء السياسية.

ولكن الذي لمسته في آراء الناس عبر الإنترنيت والشارع السوري بالداخل أو بالخارج                                             عدم الخوف من هذا الخبر. وشعورنا هذا لم ينتج من فراغ بل كان نتاج القوة الاجتماعية والثقافية للفرد السوري الذي طالما أثبتها في الأزمة، والرغبة في المحافظة على بلده الحبيب سورية، من أن يدنس بضربات غربية أو يصبح تحت أي سيطرة أجنبية.

أضف إلى ذلك وعي الشعب السوري أن الغرب يقصد بإعلان الضربة إخافتنا وتحطيم معنوياتنا لكي لا ننتصر على هذه الأزمة. فمن المعروف أن السياسة الأمريكية الحمقاء عندما تقحم نفسها بشؤون دولة ما فهي تريد أن تخترق نظامها الحاكم لتسقط الدولة وتخسر سيادتها، كما حصل سابقاً في (العراق) البلد الشقيق.

لكن الذي أثار إعجابي هو سخرية الشعب السوري من هذه الضربة، وكثيراً ما رأيت على صفحات الإنترنيت انتقادات وتعليقات يخاطبون فيها الرئيس الأمريكي أوباما مثل: (إذا أنت مابلشت نحنا بنبلش) أو (الضربة الأمريكية أعتقد أنها ستكون صوتاً بلا رائحة، وإلا فستصبح كيماوية) أو (عندما تقرع طبول الحرب.. فالشعب السوري ينزل إلى الدبكة).

لابد أن الرئيس الأمريكي أراد من الشعب السوري ردة فعل مثالية من الخوف والهرب واللجوء إلى الدول الأخرى بحجة عدم أمان الدولة وعدم تعاطف رئيس الدولة مع الشعب الذي يموت الكثير منه إثر هذه الظروف العاصفة في سورية، لكنه عاد خائباً تلسعه سياط ألسنة السوريين الشرفاء بالسخرية والانتقاد.

وهذا دليل كاف وواف على أن الشعب السوري لا يهاب الدولة الأمريكية ولا قراراتها المبتذلة. وبهذا الحب والتلاحم والتعاضد بين أفراد شعبي الحبيب لم يحقق الرئيس الأمريكي غايته بدب الرعب والذعر في نفوسنا، فها هو ذا الآن يرى عكس ما توقع من صمود وثبات ومنعة عجيبة لا يحتملها بلد من بلدان عالمنا الثالث!

وأنا أفتخر بدولتي السورية العظيمة، لأنها وهي من الدول النامية المصنفة بين دول (محور الشر) استطاعت الوقوف والصمود حتى الآن في وجه ضربة الشر المتوقعة من دول (محور الخير)، وهو محور أعداء الحياة والإنسانية وكل ما هو خير.

أخيراً آمل أن  تزول هذه الغيمة عن الشعب السوري بخير وسلام، وأن يعود الأمان والاستقرار الذي عهدناه لسنوات طويلة بجهود السوريين الوطنيين الأبرار، برغم العمليات التخريبية والدموية التي تفتك بالشعب السوري الذي تحمَّل كل هذا العناء ومازال يتحمل.

العدد 1105 - 01/5/2024