حكاية صورة «الفتاة الأفغانية» للمصور العالمي ستيف ماكيريش

تداولت مؤخراً العديد من صفحات الموقع الاجتماعي (الفيسبوك) الصورة الشهيرة للفتاة الأفغانية التي نشرتها تحت عنوان (صاحبة أجمل عيون في العالم)، وكشفت إحدى الصفحات عن حكاية هذه الفتاة التي حظيت بشهرة واسعة في العقود الثلاثة الماضية.

بدأت الحكاية منذ حوالي 27 عاماً عندما ذهب ستيف ماكيري – أحد مصوري مجلة (ناشيونال جيوجرافيك) – إلى معسكر (ناصر باغ) للاجئين الأفغان، الواقع بالقرب من مدينة (بيشاور) الباكستانية، لتصوير ما يحدث هناك لحظة بلحظة، حيث كان عبارة عن خيام يعيش فيها آلاف اللاجئين الأفغان الذين شردوا خلال فترة الاحتلال السوفييتي لأفغانستان.

وعندما كان ماكيري يتفقد حال المعسكر، لاحظ فتاة أفغانية في السادسة من عمرها، ذات عينين خضراوين مليئتين بالحزن والأسى. فأخذ يقترب منها ليفاجأ بأنها تطلب منه باللغة البشتونية التي كان يعلم بعض تفاصيلها، أن يصورها. حينذاك لم يكن المصور يعلم أن هذه الصورة سيكون لها تأثير بالغ على العالم أجمع، لما مثلته من المعاناة الأفغانية.

وقد صنفت صورة (الفتاة الأفغانية) التي صورها ماكيري عام ،1984 في أحد المخيمات على الحدود بين باكستان وأفغانستان، كأكثر الصور تأثيراً في العالم، وَمنحت ماكيري شهرة عالمية.

وفي عام ،2002 اتفقت مجلة (ناشيونال جيوغرافيك)، التي نشرت الصورة على غلافها في حزيران/ يونيو ،1985 مع ماكيري على إطلاق مشروع تفتيش عن (الفتاة الأفغانية)، التي بقيت مجهولة الهوية طوال 17 عاماً، لتقصي مصيرها بعد أن أشيع خبر موتها.

واستجابة لذلك الاتفاق عاد ماكيري باحثاً عنها، فعثر عليها بعد عناء كبير والتقط بالتالي بعدسته مسافات عمر بين زهرة بريئة بعينين وقّادتين من وسط فصل دراسي بدائي، وبين امرأة ناضجة، زوجة، أم لثلاث بنات تتوق إلى أن ينعمن بما لم تنعم هي به من الأمان والسلام وفرص العلم وتحقيق الذات. مسافات عمر تركت خطوطاً وظلالاً طالت الكثير من ملامح وجهها، لكنها لم تطل توقد عينيها.

وقد أنتجت المجلة فيلماً وثائقياً يصور تلك الرحلة، التي بدأت من المخيم ذاته، والصعوبات التي تخللتها. فقد استغرقت رحلة جلب (أم العيون الخضر) من أحد الجبال القريبة من منطقة جبال تورا بورا الشهيرة نحو ثلاثة أيام، قطع فيها المسافرون جبالاً تعدُّ مهلكة، ومات فيها العديد من اللاجئين أثناء هربهم من ويلات الحرب في أفغانستان إلى مخيمات اللاجئين في باكستان.

(ناشيونال جيوغرافيك) نشرت أيضاً صور اللقاء مع (شربات غولا)، وهو اسم صاحبة الصورة الشهيرة، والجلسة التي جمعتها مع عائلتها وفريق عمل المجلة ، وانطباعات ماكيري، الذي التقط لها صورة أخرى بعد مرور كل هذه السنوات ونشرها مجدداً. وفي الصورتين تبرز فرادة ماكيري في تشكيل الصورة، من خلال سبر الوجوه والتجارب المسكونة في الملامح والعيون.

يقول ماكيري: (لم أعتقد أن صورة تلك الفتاة ستكون مختلفة عن أي شيء قمت بتصويره في ذلك اليوم، غير أن الصورة بالفعل كانت مختلفة كل الاختلاف).

العدد 1105 - 01/5/2024