متى سيغيّر إعلامنا طريقته في التواصل مع الناس؟

كلما طال أمد الأزمة السورية، ظهرت أمام أعيننا المزيد والمزيد من الأخطاء الفظيعة والممارسات البالية التي عفا الزمان عليها وسلف، وهي تتطلب منا وضعها على جدول المكافحة السريعة والمباشرة، واعتبارها أحد أنواع الأمراض المسيئة للمجتمع السوري….

ما نتحدث عنه اليوم ليس بجديد على عمر الأحداث الدامية في بلدنا الحبيب، فبعد قرابة الثلاث سنوات ما عاد المواطن السوري يتأثر بعدد المجازر التي ترتكبها (المعارضة) باسم الدين، ولا بقذائف الهاون والصواريخ المحلية الصنع التي تطلقها على الأحياء الآمنة في مدننا، ولكن – كما يقول أجدادن – (العتب على قدّ المحبة)، فعتبنا اليوم ينصب على إعلامنا الوطني الذي، برغم تواضع الإمكانات وضعف الموارد البشرية، استطاع الصمود في هذه الحرب الكونية وشكل سنداً حقيقياً لجيشنا الباسل في حماية بلدنا الحبيب.. ومع ذلك تبقى بعض الثغرات هنا وهناك.

مجزره عدرا العمالية.. مجزرة جديدة تضاف إلى سجل المجازر الكثيرة التي أنتجها الإرهاب التكفيري في بلادنا الحبيبة، ورقم جديد يضاف إلى سجل الجرائم المخفية عن شاشات إعلامنا الوطني، وكما جرت العادة، وبذريعة عدم إثارة النعرات الطائفية سُحق كلُّ خبر عن شهداء مجزرة عدرا العمالية على شاشاتنا الحكومية، مثلها مثل مجازر حمص وريفها أو مجازر حطلة، وريف اللاذقية الشمالي أو مجازر ريف حماه أو حصار المناطق أو…إلخ.

وأمام هذه الحالات يتساءل المواطن السوري عن واقع إعلامنا وما يعيشه، وهل حقاً، بعد هذه الحرب الكونية ضد شعبنا، لم نتعلم أن نغير بعض عاداتنا أو أن نزيح غمامة الغباء والتقيد الأعمى بالمعايير القديمة، وكي لا يعتبر كلامنا شتماً وصراخاً لا أكثر، وكي نلتزم معايير الشرف الإعلامي والصحفي، فإننا ندعو إعلامنا إلى الإجابة عن هذه التساؤلات اليومية التي يطرحها المواطنون في جلساتهم وأعمالهم:

فمثلاً كان الحديث من الصباح إلى المساء عن الراهبات المختطفات من معلولا، وعن قذائف الهاون في أماكن دون الأخرى، فهل هذا لا يثير النعرات الطائفية؟ إن كل قنوات العالم من إذاعات محلية وإقليمية وعالمية، وحتى محطات التلفاز، كالمنار والميادين وال (إن بي إن) وال (إل بي سي) وغيرها من الشبكات والمحطات في أوربا والولايات المتحدة كفرانس برس وفوكس نيوز، نقلت الخبر بطريقة أو بأخرى، ونحن في إعلامنا ما زلنا ساكتين عنه؟

ويتبادر سؤال إلى أذهان الناس عندما يعرفون أنه يتم نقل الخبر وتحييد إعلامنا عنه، هو: أين تعيشون أنتم أيها الإعلاميون؟ الأزمة بشكل أو بآخر دخلت عليها الطائفية سواء بالحرب أو بالسياسة، والشعب بأكمله أصبح يعرف هذه الحقيقة، فمن أجل أي نعرات لا تعرضون قصصاً كهذه؟

منذ ثلاثة أعوام ونحن نشتم قنوات عربية كثيرة ومؤسسات إعلامية، لأنها خرجت عن مبادئ الصحافة وميثاق الشرف الإعلامي وكانت جزءاً من سفك دم الشباب السوري بتحريضه ضد إخوته، فهل ما تقومون به من إخفاء للخبر يتوافق مع ميثاق الشرف الإعلامي حقاً؟ إن كنتم تحسبون حساب المعارضة ومؤتمر جنيف، وتريدون أن تكونوا سبباً في إنجاحه، (فمعارضة) الخارج هللت لنصر  الثوار) في عدرا العمالية، واتهمت الدولة بارتكاب المجزرة، وهيئة التنسيق بررت المجزرة بأنها نتيجة طبيعية لفوضى السلاح وعنف النظام في القلمون، فمن تنتظرون؟

نحن نعلم أن التوصيف الوظيفي لكم ليس كوسائل الإعلام الخاصة، فأنتم في النهاية إعلام دولة كاملة وإعلام شعب بأكمله، ومن غير المسموح أن تحابوا طرفاً على آخر، والسؤال: هل شهداء المجازر التي عتّمتم عليها إعلامياً مراعاة لمشاعر اللحمة الوطنية غرباء عن هذا البلد؟

قد يقف البعض ويبدأ بمهاجمتنا وكيل الاتهامات لنا، وأننا ضد الإعلام المقاوم في بلادنا، وبتنا نقف في صف أعداء الوطن وبائعي ضمائرهم، لكننا نعلم أننا ما كنا طرحنا هذه التساؤلات لولا إيماننا بأننا قادرون على الارتقاء بمستوى إعلامنا فوق كل التحديات، وجعله المرآة الحقيقية لهموم المجتمع والوطن، وإن اللحظة المناسبة لذلك هي الآن،كيف لا وكلنا نعلم أنه(عند الشدائد تعرف الرجال).. فكيف إذا كانت سورية حصن المقاومة ورمز الصمود؟!

العدد 1105 - 01/5/2024