جريمة الاتجار بالأشخاص

جريمة الاتجار بالأشخاص وفق القانون السوري وبروتوكول منع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال، المكمل لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية.

نظراً لما تشكله الجريمة المنظمة من خطر على أمن المجتمع، ولاسيما عندما تكون ذات بعد وطابع دوليين بسبب اتساع رقعة التأثير والانتشار، فقد اعتمدت اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة عبر الوطنية، وعرضت على التوقيع والتصديق والانضمام في 15 تشرين الثاني من عام 2000 لغرض تعزيز التعاون الدولي لمنع هذا النوع من الجرائم ومن أجل مكافحتها بمزيد من الفعالية.

وحسب المادة الثانية من هذه الاتفاقية تكون الجريمة معرفة بالجريمة الخطيرة: حيثما يكون الجرم ذو طابع عبر وطني (دولي) وتكون ضالعة في تنفيذه جماعة إجرامية منظمة. كما جرّمت المادة الخامسة من الاتفاقية المشاركة في جماعية إجرامية منظمة، والمادة السادسة غسل عائدات هذه الجرائم. كما أضيف إلى هذه الاتفاقية بروتوكولان مكملان، عُني الأول منهما بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص وبخاصة النساء والأطفال.

انضمت الجمهورية العربية السورية إلى هذه الاتفاقية والبروتوكولين المكملين لها، ووقعت وصادقت عليها.

عرفت المادة الثالثة من البروتوكول جريمة الاتجار بالأشخاص كما يلي:

 (أ) يقصد بتعبير الاتجار بالأشخاص (تجنيد أشخاص أو نقلهم أو تنقيلهم أو إيواؤهم أو استقبالهم بواسطة التهديد بالقوة أو استعمالها أو غير ذلك من أشكال القسر أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع أو إساءة استعمال السلطة أو إساءة استغلال حالة استضعاف، أو بإعطاء أو تلقي مبالغ مالية أو مزايا لنيل موافقه شخص له سيطرة على شخص آخر لغرض الاستغلال. ويشمل الاستغلال كحد أدنى، استغلال دعارة الغير أو سائر أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة أو الخدمة قسراً، أو الاسترقاق أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد أو نزع الأعضاء.

(ب) لا تكون موافقة ضحية الاتجار بالأشخاص على الاستغلال المقصود المبين في الفقرة الفرعية (أ) من هذه المادة محلَّ اعتبار في الحالات التي يكون قد استخدم فيها أي من الوسائل المبينة في الفقرة الفرعية (أ).

(ج) يعتبر تجنيد طفل أو نقله أو تنقيله أو إيواؤه أو استقباله لغرض الاستغلال (اتجاراً بالأشخاص)، حتى إذا لم ينطو على استعمال أيّ من الوسائل المبينة في الفقرة الفرعية (أ) من هذه المادة.

 (د) يقصد بتعبير (طفل) أي شخص دون الثامنة عشرة من العمر.

و حدد نطاق التطبيق وفق المادة الرابعة منه حيث تكون جريمة الاتجار بالأشخاص ذات طابع (عبر وطني) وتضلع فيها جماعة إجرامية منظمة.

في عام 2010 صدر المرسوم التشريعي السوري رقم (3) الذي عرّف جريمة الاتجار بالأشخاص بشكل متطابق مع التعريف الوارد في البروتوكول، لكنه اختلف عنه في مجال نطاق التطبيق فلم يشترط هذا المرسوم أن تكون جريمة الاتجار بالأشخاص ذات طابع (عبر وطني) ولا أن تكون الجهة المنفذة له جماعية إجرامية منظمة. بل جعل هذه الجريمة تقع حتى ضمن النطاق الوطني دون أن تتعداه إلى دولة أخرى، كما يمكن أن تقع من قبل شخص واحد، لكنه جعل الطابع الدولي والتنفيذ من قبل جماعة إجرامية منظمة عنصري تشديد للعقوبة ، كما شدد العقوبة إذا وقعت الجريمة على النساء أو الأطفال أو ذوي الاحتياجات الخاصة.

عاقب المرسوم على هذه الجريمة في المادة السابعة منه بالاعتقال المؤقت مدة لا تقل عن سبع سنوات وبغرامة من مليون إلى ثلاثة ملايين ليرة سورية.

وشدد العقوبة في المادة الثامنة وفق أحكام التشديد الواردة في قانون العقوبات العام بزيادة العقوبة من الثلث إلى النصف، في الحالات المذكورة سابقاً إضافة إلى حالات أخرى.

كما عاقب المرسوم في المادة التاسعة بالحبس من ستة أشهر إلى سنتين، وبالغرامة المالية من مئة ألف إلى مئتي ألف ليرة سورية، كل من علم بجريمة الاتجار بالأشخاص ولو كان مسؤولاً عن المحافظة على السر المهني ولم يبلغ الجهات المختصة، وذلك لقاء منفعة مادية أو معنوية. وقد استحدثت دائرة خاصة في قوى الأمن الداخلي تدعى إدارة مكافحة الاتجار بالأشخاص، تعنى بالتحري والمتابعة والتحقيق في هذه الجرائم كما تعنى بالتعاون الدولي لمكافحتها.

أخيراً ونظراً للمفهوم الواسع والتوصيف العريض للركن المادي الموكن لهذه الجريمة وفق المرسوم التشريعي رقم (3) لعام 2010 لابد أن يبذل رجال القانون العناية الكافية في تحديد ملابسات كل جريمة حتى لا يقع في توصيف جرم آخر مجرّم وفق قانون العقوبات العامة أو قوانين جزائية خاصة على أنه جريمة اتجار بالأشخاص.

العدد 1105 - 01/5/2024