صمود النساء السوريات

لو نظرنا حولنا في هذه الأحداث التي نمرّ بها وتعمّقنا في مدى الضرر والحزن والألم الذي تعرض له الناس في الأزمة الحالية، لوجدنا ربما أن أكثر الناس تضرراً وألماً هم من النساء، فالمرأة عليها أن تظهر القوة أمام كل الألم كي تقويّ أفراد أسرتها كلهم، وليظهر دور الأم التي تعطي وتجزل بالعطاء فقط لترى الفرح في عيون من حولها.

 فهاهي ذي صباح التي تعرفت عليها مصادفة، ولمست مدى القوة والشجاعة في حياتها، أنجبت ستة أولاد،استشهد منهم ثلاثة في هذه الحرب اثر قذيفة انفجرت باثنين منهم، أما الثالث فقد استشهد دفاعاً عن الوطن، وقبل شهادته أنجب طفلة أسماها ياسمين..

تتحدث الأم عن تلك الأشياء الصغيرة التي تعلّقت بها بعد فقدانها الأولاد، وأغراضهم الخاصة، وكل ما يزال عالقاً بذهنها من صوت ورائحة وكلمات، فقد كانت أحلامهم كبيرة تحتفظ بها زوايا البيت منذ أن بدؤوا بدراستهم الى أن باشروا حياتهم العملية، لكن الحرب غدّارة تسرق المستقبل والحاضر والماضي، وهنا تخاطب الأمهات اللواتي فقدن أبناءهن: افعلي الأشياء التي كان يحبّها أولادك ولا تجعلي الموت قوياً في كل مرة، تغلبي عليه بحبك وقوة تواصلك مع الحياة، وأعظم الأمهات هي من سامحت وتابعت الحياة دون حقد.. أما دور المرأة في هذه الأحداث فقد أصبح أكثر تأثيراً، لأن النساء خرجت لتعمل لتأمين مستلزمات أسرتها، فهي اليوم التي تعطي الأمان والحماية للجميع، فتحوّل المصاعب إلى مهمات تقوم بها وتعبر بها إلى حياة أفضل. وبكل أمل ومحبة.

 النساء السوريات يحملن الأمل والتفاؤل إلى نساء العالم كله، ويتحدّينهم بالقوة والثبات والعزم على تخطي الصعاب مهما كانت، وهذا هو الصمود الحقيقي.

العدد 1105 - 01/5/2024