(مشوار.. رايحين مشوار)!

اتصلت بي  إحدى صديقاتي لتسألني عن مكان  نذهب إليه، لنهرب من ضجر أرواحنا ونغيِّر شيئاً من روتين أيامنا.

وبعد التشاور والتحاور قرّرنا الذهاب إلى مشوارنا الممتع، مشوارنا الجديد القديم، مشوارنا إلى سوق الحميدية. فإلى دمشق القديمة سِرنا…

أخذنا الطريق المؤدي إليه من  جهة حمام البكري،القيميرية، النوفرة،سوق القباقبية،فالجامع الأموي وصولاً إلى ساحة المسكية والسوق المسقوف الكبير.

بدأنا جولتنا فيه، فهو سوقٌ حيويٌ يغلي بالبضاعة والناس، البيع فيه بالجملة أو بالمفرق، بمحلات تجارية أو على بسطات عادية.أشكالٌ وألوانٌ تراها أينما نظرت، أصواتٌ للزبائن والباعة بين أخذٍ وعطاءٍ بالكلام، علماً أنَّ كلاهما قد أتقن فن التفاوض بالفطرة ودونما معلم!

نمشي في سوق كبير، شرقي وعريق، تتفرع على جانبيه أسواقٌ أخرى لها أسماؤها واختصاصها من سوق (تفضّلي)، إلى سوق (البزورية)  أو العصرونية وغيرها الكثير، ففيه يباع البروكار والداماسكو والبهارات البيتية!

سوقٌ يبلغ طوله 600 متر وعرضه 15متراً وأقيم في العهد العثماني على مرحلتين.في المرحلة الأولى أنشئ قسمه الغربي بين شارع النصر وسوق العصرونية عام1870 في عهد السلطان العثماني عبد الحميد الأول. وبني قسمه الشرقي في عهد السلطان عبد الحميد الثاني عام 1884 وسمي بالحميدية نسبة إلى السلطانين المذكورين. يحاذيه من جهة الشمال قلعة دمشق، وفي نهاية السوق نجد الجامع الأموي درة الشرق.

هو معلمٌ مهمٌ بين معالم نحبها واعتدنا على زيارتها في دمشق القديمة  التي تعتبر القلب التاريخي لمدينة دمشق مثل: قصر العظم، مكتب عنبر، الشارع المستقيم وغيرها،أضف إلى  الحمامات والخانات والمدارس والبيمارستانات .

هو قطعة جميلة من منطقة دمشق القديمة التي تتالت عليها الحضارات، فأينما تمشي فيها تجد مَعلماً أثرياً  له قصته يدعوك  للتجذر والبقاء.

واللافت في ذلك اليوم المشمس الجميل  هو العدد الكبير من الناس، وأنا وصديقتي كنا منهم، فقد كنا نشكل  مشهداً جميلاً لا بل ممتازاً لتلتقطه عدسة الكاميرا التلفزيونية  لتثبت  من  جديد أن البلد تستعيد عافيتها وها هم أولاء السوريون  صامدون ولايزالون يحبون الحياة بعد ثلاثة أعوام من الحرب، وشوكة الموت ومرارته لن تتمكن من هزيمتهم، والكلمة الأخيرة ستكون للحياة في هذا البلد.

و أخيراً عدنا إلى بيوتنا سعداء  بعد أن أنهينا مشوارنا لأن دمشق كعادتها ساعدتنا وأعطتنا شيئاً من قوتها لنتابع مسيرتنا.

فأنتِ يا مدينتي  ويا أمي، قديمة  كنت أم جديدة، أنتِ ماضينا الذي نشتاق إليه، حاضرنا الذي نعيشه، ومستقبلنا الذي نسعى إليه. ونحن  صامدون لأنك صامدة وباقون لأنك باقية، فأنت مفتاح حبنا لبلدنا وعشقنا له.

و كلي أمل أن نعود ونزور أي مكان نحبه في سورية وطننا الأم، فنحن أبناؤها نبقى معجبين بها، ومفتونين بجمالها!

العدد 1105 - 01/5/2024