نساء قياديات

في الماضي كان مفهوم القيادة يتعلق بالكاريزما الشخصية: الصوت الجهوري، المظهر الخارجي، القوة، السلطة، المال…الخ ليأخذ الذكر ذو المواصفات الشخصية الخارجية الحصة الأكبر،وليأخذ مكانه على رأس الهرم، وليبقى الآخرون من ذكور واناث في تراتبية من الأعلى الى الأسفل، والكلمة الأولى والأخيرة لذلك القائد، وهذا مقياس لا يتعلق فقط بحكم البلاد، بل في كل مجالات الحياة بدءاً من الأسرة، فالأب له السلطة المطلقة وكلمته هي الآمرة الناهية، والمدير في العمل هو السلطة العليا، والحاكم هو المتفرد باتخاذ القرار…الخ

.الى أن تغيّرت المفاهيم، وتغيّر مفهوم القائد وفكرة القيادة لتتحول الى قيادة تشاركية أفقية وليست هرمية، بل تعتمد على الجميع، وليتحول كل فرد بالأسرة إلى قائد، وكل عامل أو مواطن إلى شريك في القيادة، وتتبدل المفاهيم من الصفات الشكلية للقائد إلى صفات تنطلق من المقدرة على العمل الجماعي وفكرة المشاركة في اتخاذ القرار والمسؤولية المشتركة، لتتحول أيضاً فكرة القائد الذكر إلى القيادة التي لا تتعلق بجنس أو عمر أو أي مظهر خارجي، ولتأخذ المرأة دورها أيضاً في أن تكون قائدة وهذا فقط يحتاج لتمكين وتدريب ودعم للنساء والرجال على حدّ سواء. من هنا يمكننا القول إنه آن للدساتير التي لا تدعم النساء دعماً علنياً وواضحاً أو بمغمغة أو مصطلحات يمكن تكييفها حسب المزاج، أن تغير بنودها تغييراً  كلياً لتصرح بوضوح بأحقية النساء في تولي القيادة وبأخذ حقها في رئاسة الجمهورية أو قيادة الأحزاب تماماً كالرجل، وهذا يحتاج إلى دعم من الأحزاب السياسية أي يحتاج إلى إعادة تفكير في مفاهيم القيادة، فالمفاهيم التقليدية لاتزال هي المسيطرة، ولم تدخل بعد المفاهيم الحديثة التي تصنع القائد-ة وتجعل من كل شخص قائداً-ة من خلال الدعم والتمكين، وهذه الطرق الحديثة باتت متّبعة في أكثر مناحي الحياة وأثبتت نجاحها من خلال التدريب والتأهيل، ليبدو مفهوم القائد مفهوماً بسيطاً، فهو دور كأي دور في المجموعة، ويمكن لأي فرد أن يأخذ هذا الدور لأنه لا يقع عليه وحده عبء المسؤولية ولا النجاح أو الفشل بل الجميع يتحمل النتائج.

ومن خلال تدريب النساء على مفهوم القيادة والوصول إلى تعريف من هو القائد، استطاعت النساء أن تخرج من داخل كل منها قائدة، فهذه استطاعت أن تحلّ مشكلة في أسرتها وتلك تابعت تعليمها رغم كل المعيقات، وبعضهن استطعن التغيير في محيطهن، فأحدثن فرقاً أو تقدماً في حياتهن أو حياة أسرتهن أو مجتمعهن، وكثير من النساء تولَّين إدارة مشاريع صناعية أو زراعية صغيرة أو كبيرة، وهذا كله يعني قائدة ناجحة، وبطبيعة الحال تعتمد النساء على الصيغة التشاركية في العمل لتخطّي المعيقات والعقبات..

فتحية لكل امرأة تخوض تجربة في تولّي منصب أو موقع مسؤولية في مجتمع لم يقتنع بعد بدور المرأة بعيداً عن دورها الإنجابي! وتحيّة لكل من يدعم تلك النساء علّه يحدث تغييراً ما في الفكر المجتمعي التمييزي المترسّب منذ قرون!

العدد 1104 - 24/4/2024