تعلّم الإنكليزية بلا معلّم

ربما كان من أكثر الكتب مبيعاً في سورية لفترة طويلة كتاب: (تعلم الإنكليزية بلا معلّم وبأيام معدودة)، هذا الكتاب الذي تكاد لا تخلو بسطة كتب من وجوده إلى الآن، لتظهر إحدى العقد التعليمية عند أكثر من جيل من الذين يعيشون في سورية، وهي كيف نتعلّم الإنكليزية ونستطيع استخدامها بطريقة سلسة كبقية مواطني دول الجوار على الأقل، فالجميع كان يبحث عن طريقة تساعده بعيداً عن المناهج الدراسيّة المعقّدة وغير المثمرة، وخاصّة فيما يتعلّق بحديثنا وهي المناهج الإنكليزية التي كانت تبدأ في المدارس الحكومية منذ الصفّ السابع فقط، واستمّر ذلك عقوداً إلى أن بدأت المدارس الحكومية منذ سنوات قليلة تدخله ضمن مناهجها مع بداية السنوات الأولى من المدرسة وراحت تعلّم اللغتين معاً الانكليزية والفرنسية، لكن!!

بقي الحال كما هو وبقيت عقدة الكثير من السوريين، تعلّم الانكليزية محادثةً وكتابةً بطريقة سلسة تساعده في العثور على عمل في الدول الأخرى أو في المنظمات الدولية التي تشترط اللغة الأجنبية ولو لم تكن تستخدمها لكن على الأقل للبروظة..

وبقي على من يريد التطوّر في تعلّم اللغة الأجنبية أن يدخل أحد معاهد تعلّم اللغات أو المدرسة البريطانية أو الأمريكية (هاتان المدرستان اللتان أغلقتا مع بدء الحرب في سورية).. أو أن يتعلّم بمدارس الخمس نجوم، وكل هذا يحتاج إلى رصيد من المال، لذا يصعب على السوريين ذوي الدخل المحدود التفكير في هذا الحل..

اليوم مع تطوّر شبكات التواصل بدأت الحلول أكثر سلاسة لتعليم اللغة بأساليب متعددة ومختلفة، من مثل: المسلسلات الفكاهية لتعلم الإنكليزية تعليم الإنكليزية بأسلوب مبسط وشيق، دورات تعلّم الأمريكية محادثة.. إلخ.وهذا كله من خلال صفحات اليوتيوب وصفحات الفيس بوك التي قد تصل الراغب بالتعلم بتقنيات تعلّم الانكليزية بتطبيقات وكلمات ترسل كل يوم إلى صفحة المشارك، وهكذا تساهم التكنولوجيا بايجاد فرص، لكن تبقى المشكلة الأساسية في المناهج الدراسيّة، طريقة التدريس، الكتب الجامدة، استخدام وسيلة واحدة للتعليم وهي الحفظ، علماً أن تعليم اللغة يحتاج كالعلوم إلى مخابر تعليمية، وسائل إيضاحية، وتواصل بالصوت والصورة، وهذا ليس بعملية معقدة ولا تتطلب الكثير من الجهد أو المال بل تحتاج إلى إرادة من القائمين على وضع المناهج تعيد النظر في السلسلة التعليمية وتوفيرها بسلاسة وتحفيز الطلاب على التعلم، فاللغة هي أساس كالرياضيات واللغة العربية وأي مادّة أساسية، لكن على مدى عقود كانت مادة منزوية على طرف البرنامج تحظى بوقت قليل يستطيع استثماره المجتهدون جدّاً فقط، والذين يعتمدون على جهدهم الشخصي والدورات التعليمية خارج المدرسة..

فهل سيعيد القائمون على المناهج الدراسية النظر في آلية التدريس ووضع المناهج والأسلوب الأفضل، أم أنّ هذه تعتبر من الرفاهية التي على الطلاب أن يبحثوا عنها بجهدهم الخاص؟

العدد 1105 - 01/5/2024