أمل يبرق خلف الآلام

كلنا يعرف أن في هذه الحياة مراحل صعبة ومؤلمة،  وأحياناً سهلة وجميلة، وقد جاءت هذه المرحلة من حياتنا صعبة، أقصد فترة الأزمة التي هجّرتنا من بيوتنا وأخرجتنا من بلدتنا الحبيبة وبيتنا الصغير وأقمنا في (مركز ايواء!!)

لقد رأينا العجائب في هذا المكان ومرّت علينا أوقات لا نعرف فيها إلا الحزن والألم، وأوقات نفرح فيها ونستأنس مع الناس المقيمين في هذا المكان تماماً مثلنا، لأننا في هذا المكان نحن أسرة واحدة، ولسنا  كأهل المنطقة التي من حولنا والتي ينظر إلينا بعضهم على أننا عبء عليهم وعلى حيّهم، فقد اجتمعنا في المركز من أكثر من مكان ومنطقة وأسرة، اختلفت علينا الأجواء، ومع مرور الأيام بدأنا نتأقلم معها وعرفنا عادات وتقاليد كل منطقة، وأنا شخصياً تعلمت اللهجات المختلفة من كل مناطق سورية وهذا أمر ممتع ومفيد أني اطلعت على عادات ولهجات مناطق أخرى، فهذه الأزمة لها سلبياتها وإيجابياتها، فنحن لم نتوقع أبداً أننا قد نقيم في هذا المركز سنتين ونصف والسنة الثالثة على الطريق. لكني تعلمت من هذه الحالة أشياء كثيرة، تعلمت الثقة بالنفس، وتعلمت معنى الحياة والتأقلم مع الناس والعالم من حولي، فقبل ذلك كنت منطوية على نفسي ومنعزلة في بيتنا دون أن أرى العالم من حولي، تعلمت مهنة وتفوقت فيها وتم تكريمي لأنها حلمي منذ صغري، أعشقها، وتعلمت الكتابة وقد أكملت دراستي وها أنا ذا سأقدم امتحان التاسع، وأكتب مقالات لأني أحب الكتابة، لكن كل هذا لا يعوّضني عن مكاني ومنطقتي الغالية التي كبرت وترعرت فيها منذ صغري ونشأتي، والتي لها مكانة في قلبي.. آه لو تعود تلك الأيام وتنهال علينا الأفراح وتتلاشى الأحزان والآلام التي أنهكت قلوبنا وملأت حياتنا أسى على حالنا ووضعنا، ومع ذلك ما زال بريق الأمل والتفاؤل وروح الحياة الجميلة يشعّ بيننا، فأنا أتمنى من كل قلبي عودة تلك الأيام ورجوع الفرح والسعادة إلينا وإلى العالم والناس من حولنا وإلى أرضي الحبيبة التي هي قطعة من جسدي، لأنها سورية رغم كل هذه الآلام والأوجاع سترجع وتقف على قدميها وتنتصر على أعدائها الذين حاولوا تدميرها، وسنقف في وجه المصاعب والعوائق وستعود أيام الفرح والسرور عليها، وستعود سورية كما كانت وستبقى سيرة وحكاية التاريخ العظيم التي تنمو بأبنائها..

 

العدد 1105 - 01/5/2024