المواقع والمنتديات الإلكترونية وعالم من الماضي

منذ سنوات مضت كان للمواقع الإلكترونيّة دور كبير في نشر المعلومات والمعارف والتواصل بين الناس وبين قضاياهم على اختلافها، إن كانت اقتصادية أم اجتماعية أم قانونية، وكانت منبراً لنشر العديد من الأبحاث والدراسات والمقالات لما لها من قيمة إعلامية قوية، وترافق معظم تلك المواقع الإلكترونية منتديات للتواصل بين إدارة الموقع والكتّاب والقرّاء، وكان منها منتديات الدردشة والمنتديات الفكرية والسياسية والاقتصادية والفنية والاجتماعية بحسب الموقع الذي تتبع له، إن لم تكن مستقلّة بحد ذاتها، فقد خصصت معظم المواقع صفحة تناقش المواضيع المنشورة وتتواصل مع الكاتب، بعد أن يتم تسجيل المشاركين في الموقع ليصبحوا أصدقاء بالدردشة والنقاش، وكل ذلك يخضع لقواعد تتعلق بأدبيات الحوار، ومنها: عدم السخرية بطريقة جارحة، عدم استخدام الكلمات البذيئة، عدم التطاول على رموز دينية أو شخصيات معروفة، وكانت هنالك نقاشات طويلة حول هذه القواعد والموانع، هل هي ضرورية؟ هل تأسر الحرية في التعبير؟ هل هي مقيّدة لطريقة التعبير..؟ وكانت تجذب فئات عمربة متعددة من اهتمامات مختلفة، أما اليوم فنرى أن هذه المنتديات وحتى المواقع الإلكترونية قد خبا نجمها وتقلص متابعوها وصاروا يميلون نحو الفيس بوك أو تويتر أو الاتصالات الحديثة العادية كالفايبر والواتس أب، ما يعني أن التقنيات أحدثت فرقاً في كيفية تعاطي الفرد مع اهتماماته، فقد كان يتابع اهتماماته بطريقة أكثر انتظاماً ووضوحاً وقوننة، واستعاض عنها بمتابعة أقل انتظاماً وأقل وضوحاً وبلا قانون، لكن أكثر انفتاحاً نحو العدد اللامحدود وتبادل الأفكار بحرية أكبر.. ولكل طريقة سلبياتها وايجابياتها التي يمكن تحديدها بدراسات يمكن أن يقدّمها طلاّب علم الاجتماع أو النفس أو السياسة، لكن ما يمكن التقاطه بوضوح هو أن الفيس بوك يبقى عالماً وهمياً رغم النقاشات الجادة في بعض الأحيان، لكنه في لحظة من إدارة الفيس بوك ستمحى كل تلك النقاشات وتزول إلى غير رجعة، وهذا يقلّ عند المنتديات التي قد تتوقف لكن تبقى النقاشات موجودة، ويمكن البحث عنها وإيجادها في أي لحظة، ليعود السؤال: ما هو الأفضل؟ وكيف يمكن تحديده؟ وهل سيعود للمواقع الالكترونية أو المنتديات المرافقة ألقها؟ هنا ما يمكن طرحه للسنوات القادمة التي ستخرج بنفسها نتائج التغييرات وستفرز السيئ والجيد بحسب التطوّر الزمني والاقتصادي الذي يفرض نفسه رغم كلّ المحاولات بعولمة عشوائية..

العدد 1105 - 01/5/2024