رمضان.. صور تتغيّر

كان  الناس إلى عهد قريب يستقبلون رمضان  استقبال الفاتحين، وكانوا ينتظرون قدومه بقلوب متلهفة وبأرواح ظامئة، إذ يترقب السوريون موعد (إثبات الهلال) في مشهد عجيب من يوم التاسع والعشرين من شعبان، فالكل يسأل: (ثبتوها؟)، والجميع يتزاحم في الأسواق يعدّ العدة لشهر الصوم.

وتعلن المحكمة الشرعية في قصر العدل  ثبوت هلال رمضان بالرؤية الشرعية، فتنشط العديد من المهن التي يعد رمضان موسماً هاماً لها مع الإقبال الكبير على شراء وطلب السلع على اختلاف أنواعها، كـ»قمر الدين، والناعم، والعرق سوس، والتمر هندي.. وغيره«، وذلك إضافة إلى المواد التموينية الأخرى التي تدخل إلى موائد الصائمين من خضار وفاكهة ولحوم وألبان وأجبان، ثم يتناهى إلى سمعك في هدوء السحر ذلك الصوت الأسطوري الذي سرى فيه يوماً عبقُ دمشق وسحرها، فكان صوت (توفيق المنجد) وهو يلهب العواطف فرحاً بالقادم الغالي، ويصدح بصوته منشداً (روّح فؤادك قد أتى رمضان).

فتصير المدن السورية في أبهى حلة وأحلى زينة، وتعرض للغادي والرائح ما لذّ وطاب من أطعمة ومشروبات لا يغني وصفها عن ذوقها.

ومع تطور الحياة المدنية أدخلت عادات جديدة على رمضان، فالناس اليوم أصبحوا يستعدون له بالمسلسلات والبرامج المسلية!، كأنه شهر للعروض والتنافس بين المحطات الفضائية، ثم صار شهر التناقضات والمشاهد الخاطئة، فكثيراً مانصطدم يالزحام المخيف على المطاعم والأسواق الغذائية، فيعتقد الذي يرانا من بعيد أننا لا نأكل إلا في رمضان !

واندثرت بعض العادات الرمضانية الرائعة كتبادل صحون الطعام بين الجيران لصعوبة اجتماع العائلات، إما  لبعد المسافات او لسوء الطرق بسبب الازمة، لم أستطع أن أصف رمضان إلا كما أشعر به وكما أراه شهراً ليس بهادئ ولا يشبهه أي شهر، ونتمنى أن تبقى المدن السورية ساحرة تزداد  تفرداً وجمالاً، وأن تعود الصور الجميلة وتتجدد.. وكل رمضان وقلوبنا بحال أفضل..

العدد 1105 - 01/5/2024