صناعة الفرح

بينما كنت أقرأ المقالات والمواضيع المرسلة للصفحة، لفت نظري موضوع كتبته إحدى الفتيات من مركز للإيواء، تحدثت فيه عن شاب قدّم لهم لحظات من الفرح، لحظات لم ينسوها رغم مرور أكثر من عام على مغادرة ذلك الشاب للمركز، وأثناء قراءتي تذكّرته وتذكّرت القصة التي روتها، فقد كنت لحسن الحظ وقتذاك أزور المكان، كانت مناسبة عيد الميلاد وأحبّ فريق يعمل مع المراكز أن يقدّم يوماً اسمه (يوم الفرح)، أحضروا بابا نويل الذي أتى وبجعبته الهدايا ومجموعة رائعة من الشباب والشابات ليقدموا كل ما لديهم من أساليب تُدخل الفرح للأطفال من المهجرين، وحينذاك حضر بالفعل ذلك الشاب الذي كان من أوائل العاملين في المركز مع بداية تخصصه مركزاً للإيواء، وقبل أن تبدأ المنظمات بالعمل داخله رسمياً، عندما دخل (خالد) لم يكن المشهد عادياً، فكل أصوات الموسيقا والعزف وبهجة بابا نويل وهداياه توقفت عندما وقف وسط الأطفال، صرخوا جميعاً: خالد! كانت فرحة لا يمكن وصفها بالكلمات، فهي عيون تبكي وقلوب تضحك وأجساد ترقص، الأطفال والأمهات والآباء على نسق واحد من الفرحة والبهجة، وتكوموا حوله محاولين لمسة من يده تشبه محاولات لمس أيدي النجوم في هوليود، أو تكاد تشبه لمسة يد بابا الفاتيكان بالنسبة للتابعين له، وكانت التحية له بالأغنية الأكثر شعبية بينهم والتي علّمهم إياها اسمها (مرجانة). هو شاب في بداية العشرينيات من عمره، تماماً كما تحدّثت عنه كاتبة المقال – في الصفحة هنا- مفعم بالحيوية والمحبّة والشباب، يغني فيغني الجميع معه، يحرك يديه وقدميه فيحرك الجميع أياديهم وأقدامهم، يسبقونه تارة ويسبقهم تارةً لبوح كلمات الحب، ويغنون ويشتعل الغناء، ويصرخون وكأنهم يريدون أن يقولوا له: اشتقنا إليك! كيف استطعت أن تغيب عنّا كل ذلك الغياب؟ وهو يصرخ كأنه يعتذر لهم عن سفره الاضطراري، ويصل صراخهم إلى السماء يشكرونها على عودة اللقاء.

 لا يمكن وصف كل ذلك إنما يمكن فقط أن يُشكر مثل هؤلاء الشباب الذين تطوّعوا بكل حب لأجل إدخال البهجة، إنه الآن يشارك في أحد المسلسلات الشامية (حمام شامي)  وهو يستحق التحية والذكرى العطرة التي دوّنتها كاتبة المقالة  من مركز الإيواء بين كلماتها.

 خالد شباط.. تحية لك!!

العدد 1105 - 01/5/2024