الامتحانات… معاناة تتفاقم في ظل الأزمة

معاناة كبيرة يعيشها الطلاب طوال العام الدراسي، لكنها تتفاقم في نهايته مع زيادة الضغط النفسي والاجتماعي عليهم، إذ تجتاح موجة عارمة من القلق والتوتر قلوب الطلاب وأوليائهم، فإما فرح مكلل بنجاح أو رسوب تنكس له الرؤوس، ولكن للطلاب السوريين وأوليائهم قصصاً مختلفة من المعاناة التي لا تنتهي في ظل الأزمة الراهنة، فها هم، للعام الرابع على التوالي، يذاكرون على ضوء الشموع، ويتقدمون لامتحاناتهم النهائية على وقع هدير الطائرات التي تجوب السماء وأصوات القذائف الممزوجة برائحة البارود والدم، فيعلو صوت القتل والتدمير على صوت العلم.

(في الامتحان يكرم المرء أو يهان) عبارة استهلت بها أم محمد حديثها لـ(النور) مضيفة أن الطالب يقع خلال هذه الفترة بين سندان ضغط الامتحانات ومطرقة الرغبة في النجاح، وتساءلت: (كيف السبيل لتحقيق ذلك في ظل الوضع الحالي)؟، وبينت أم محمد -وهي والدة لشابين في الجامعة- أن دراسة أبنائها على ضوء الشموع أو الشواحن الكهربائية تزعجها، لما تسببه ذلك من أضرار بالغة على العين، كما أنها لا تحقق لهم التركيز الكامل ، وتلافياً لذلك (اشتريت مولدة كهربائية كي أحافظ على مستوى أبنائي الدراسي، خاصة بعد وصول سعر الشمعة الواحدة إلى 30ل.س، وكان يلزمنا يومياً قرابة ست شمعات في المنزل».

أما طالب الإعلام محمد.ك فكانت معاناته مختلفة مع الانقطاع المتكرر للتيار الكهربائي، وما يتبعه من انقطاع المياه في ظل ارتفاع دراجات الحرارة حالياً، وبين محمد الذي لم يتمكن والده من اقتناء مولد كهربائي بسبب ظروفه المادية الصعبة، أنه يجد صعوبة بالغة في الدراسة نتيجة انقطاع الكهرباء من أربع إلى خمس مرات على مدار اليوم ولمدة قد تصل إلى أربع ساعات متواصلة، وأشار أن الحالة مستمرة في الليل والنهار، وهذ ما يمنع الطالب من تنظيم وقت دراسته. ومن ناحية أخرى أشار محمد إلى تساقط قذائف الهاون على الأحياء الدمشقية تساقطاً شبه يومي، مترافقة مع انفجار العبوات والسيارات وإطلاق الرصاص من البعض تحت ذرائع وهمية، ما يعيق الحركة ويسبب الخوف الدائم والقلق المستمر لدى الجميع، خاصة أنها أودت بحياة العشرات من طلاب المدارس والجامعات، وأدت إلى تعثر بعض الامتحانات، وهو ما لفت إليه زميله فارس قائلاً: (نتيجة القذائف لم أتمكن من التقدم إلى امتحان إحدى موادي، وسأضطر إلى تأجيلها للعام القادم).

واعتبر طالب الحقوق فراس الأحمد أن السوريين قد تأقلموا نسبياً مع الأوضاع المعيشية المتردية وتمكنوا من إيجاد حلول لقطع الكهرباء وغيرها، ولكن المشكلة الرئيسية برأيه هي تردي الوضع الاقتصادي وتفاقم معدلات البطالة والفقر، وهو ما زاد من معاناة الطبقات الفقيرة والمتوسطة مترافقاً مع زيادة أسعار كل شيء، ومنها ازدياد تعرفة المواصلات بسبب ارتفاع أسعار الوقود، ما حمّل الطالب أعباء إضافية، فضلاً عن الازدحام المروري بسبب الحواجز الأمنية التي تسبب اختناقات مرورية تضطرنا للذهاب والعودة في أحيان كثيرة سيراً على الأقدام، لضمان الوصول في الوقت المناسب).

وأشارت طالبة في أحد مراكز الإيواء إلى أن الطلاب في المراكز (بحكم المنسيين)، فلا يوجد مكان للدراسة ولا أحد يهتم بذلك من القائمين على هذه المراكز، ولفتت إلى الضجيج العالي في مراكز الإيواء، فلا يمكن التحكم بجميع المقيمين في وقت الامتحانات، الأمر الذي أعاق التحصيل العلمي لدى أغلب الطلاب، ويعيق حالياً تحضيرهم للامتحانات.

قصص كثيرة من المعاناة يعيشها طلابنا وطالباتنا تعود في جزء كبير منها للأزمة الراهنة وما ولدته من انعدام الأمن والأمان، مترافقاً مع الكثير من المؤثرات الإضافية كالكهرباء وغيرها، ولكن يبقى زوال كل ذلك مرتبطاً بإيجاد حل سياسي للأزمة السورية، ليتمكن بناة سورية الغد من التفرغ لدراستهم والتحضر للمساهمة في بناء سورية الديمقراطية التي ننشدها جميعاً.

العدد 1105 - 01/5/2024