ضبابية وانتهاكات مديريات النقل و كتّاب العدل

تعتبر الملكية العامة والخاصة من أساسيات ومقومات الاقتصاد الوطني باعتبارها ثروة قومية، فـللملكية الخاصة أهمية كبيرة في النظام القانوني، وهي حق دستوري يعزز المبادرة الفردية ويحقق استقرار المعاملات مما يشجع على الاستثمار والتنمية، لهذا حرص المشرّع السوري على حماية الملكية الخاصة في أغلب القوانين العادية التي تبحث في أسباب حماية وصيانة هذه الملكية، ولهذا وضع سجلات خاصة لتسجيل الملكيات وحفظها، ورتّب لهذه السجلات حجة مطلقة تجاه أصحاب العلاقة وغيرهم، بدءاً بالسجل العقاري حتى حماية الملكية الفكرية، وتعتبر ملكية المركبات بذات الاهمية مقارنة بالملكية العقارية، لذلك ساوى المشرع بينهما في موضوع نقل الملكية والتسجيل والرهن والإرث والتأمين إلخ.. وأخضع التعامل بالمركبات إلى قانون السير والمركبات والقانون المدني، فقد حدد قانون السير والمركبات رقم /31/لعام/2004/ والمعدل بالمرسوم التشريعي رقم/11/ لعام/2008/ كيفية تسجيل المركبات لدى مديريات النقل، حيث يجب توثيق جميع القيود المتخذة في إضبارة المركبة وفي السجلات اليومية الخاصة بعقود المركبات، وهذا ما نصت عليه المادة /100/ من القانون المذكور.

والقانون المدني نظم أحكام وكالة بيع السيارات وكالة غير قابلة للعزل بالمادة /681/منه كما يلي: يحق لأي شخص أأن يبيع سيارته وأن ينظم وكالة للمشتري بهذا البيع مع تفويضه تسجيل ونقل ملكية السيارة له أو لغيره في مديرية النقل بدون أن يتقيد بأي مدة لاستعمال الوكالة. وهذا بخلاف ما جاء في القانون/10/لعام /2001/ المعدل بالقانون رقم /28/لعام/2004/ الذي حدد استخدام الوكالة لمدة ثلاثة أشهر وعدلت إلى ستة أشهر، والذي صدر مرسوم تشريعي رقم/12/ لعام/2013/ بإنهاء العمل بأحكام القانون /10/و/28/ في المادة الأولى منه، وبالتالي إنهاء شرط استخدام الوكالة لمدة ثلاثة أو ستة أشهر.

وبذلك اتجه المشرع لتخفيف العبء عن المواطنين من خلال ما كانت تقوم به دوائر النقل البري من تقاضي مبالغ إضافية على رسم الفراغ ورسم الإنفاق الاستهلاكي إذا تم الفراغ عن طريق وكالة كاتب عدل، فصدور المرسوم /12/ فتح الباب امام حركة بيع السيارات وإلغاء الغرامات في حال تأخير تنفيذ الوكالات العدلية الخاصة بالسيارات.

فلم تكن الوكالات العدلية الخاصة بالسيارات مستندها القانوني القانون /10/ و/28/ في الأساس، وإنما هي مستندة إلى القانون المدني، وتحديداً المادة /681/ التي نصت على:

1- يجوز للموكل في أي وقت أن ينهي الوكالة أو يقيدها ولو وجد اتفاق يخالف ذلك)، وهذا ما جاء به المرسوم/12/ بأن يتم نقل الملكية وفقاً لأحكام القانون المدني وقانون السير والمركبات النافذ رقم /30/ لعام /2004/حيث (نصت في المادة /98/ فقرة /د/ يجوز لكتاب العدل ونقابة عمال النقل البري استماع العقود المتعلقة بالمركبات وتوثيق صكوكها، على أن ترسل هذه الصكوك إلى مديرية النقل المعنية خلال 24ساعة).

فكتاب العدل أخذو بظاهر المرسوم/12/، وهذا يناقض حقيقته قانوناً، فامتنعوا عن تنظيم وكالات بيع بالسيارات غير القابل للعزل وتنظيم وكالات بيع- للغير فقط- دون أي مستند قانوني.

فظاهر الأمر بسيط ويصب في مصلحة المواطن ويحرص على أمواله وممتلكاته من خلال مطابقة الوكالة لمنع التزوير والسرقة، لكن الواقع يتطلب وقتاً أطول لمطابقة الوكالة، مما دفع بالكثيرين للجوء إلى معقبي المعاملات والسماسرة وإرهاق المواطن وإجراءات روتينها طويل نتيجة التعسف والجهل في تطبيق القانون.

وللقضاء على الروتين الخاضع لمزاجيات البعض، والذي ساهم في الفساد الإداري وتزوير سجلات بيع السيارات، على الدولة تفعيل الخدمات الإلكترونية، والاعتماد على الأرشفة الإلكترونية لتقديم الخدمة بسرعة ودقة وأمانة، وربط الجهات الحكومية إلكترونياً مع كتاب العدل.

العدد 1105 - 01/5/2024