تبدأ الحكاية من هنا: المرأة هي نصف المجتمع

منذ العصور القديمة والمرأة تعمل، وتحاول، وتريد أن تثبت لذاتها، ولمجتمع مازال يُنكر دورها في نشأته وتنميته، إذ لا تنمية بعيداً عنها.

فالمرأة على اختلاف الأدوار التي تمرّ بها، تُشكّل مرتكزاً لأسرة تشعر بالحب والدفء والحنان. لوجودها كأم تسعى دائماً للتضحية من أجل أسرتها.

المرأة الريفية رغم بساطة عيشها، وتربيتها على تقديم كل ما تستطيع فعله، ولو على حساب قواها الجسدية والروحية، جعلتها تُعطي جهداً ووقتاً، وحتى مالاً، كي تنهض بأفراد أسرتها متحمّلةً الفقر الذي يشكل عبئاً كبيراً عليها، في ظلّ من يعمل كالعين المراقبة ليسلبها حقها المادي، فتغدو في النهاية هي من تطلب منه لتستكمل حاجات بيتها وأولادها.

ومع مرور الزمن، لم يعد هناك فرق بين المرأة في الريف أو المدينة، إذ أصبحت كل منهما أسيرة التطور الداعي لبعض أنواع الحرية، غير أنها تصطدم غالباً بواقع لا يؤمن بحرية المرأة، إن كانت ابنة أو زوجة أو أختاً، في الوقت ذاته الذي تعاني فيه من قدر فرض عليها تحمل المسؤولية بكافة اتجاهاتها، خصوصاً في ظل انخفاض عدد الرجال بين استشهاد وسفر ومرض، لتخرج من جديد إلى فضاء المواجهة والمسؤولية، محاولة تخفيف العبء النفسي على من تراه رجلاً في نظرها لتأمين حاجاتها وحاجات من معها.

ورغم تنوع البيئة التي عاشت فيها، أو خرجت منها هذه السيدة، يبقى الحكم عليها قاسياً، يتناولها كيفما تحركت وقدّمت وأخذت، ما أكثرهم أولئك الرجال الذين يضعون نصب أعينهم فكرة أنهم قوامون على النساء حتى يومنا هذا! وأنها ملك لهم يفعلون بها ما يشاؤون.. وهي تقول في سرها: صبراً يا امرأة، ليرجع تفكيرها إلى مثل شعبي يقول: (ظل رجل ولا ظل حيطة) وبالمعنى الشامي (الرجال بالبيت رحمة ولو كان فحمة) وهذا ما ينبغي عليها إلغاؤه من قاموس تفكيرها.

الفقر المادي يتركها في حالة لا تشعر فيها بالفقر الفكري، فلا تستطيع التفكير بأكثر من تامين حاجات يومها. إن الفقر الذي يعيشه أي فرد يجعل سلوكه غير واعٍ، يجعله يفكر بعدة أمور تشغله عن تطوير ذاته، أو بما يقدم الآن من تطورات على المستوى العلمي.

أشارت دراسات عدة إلى أن النساء تشكلن 70% من فقراء العالم، نصف سكان العالم، يحققن ثلثي ساعات العمل، يحصلن -فقط- على عشر الدخل العالمي، ويمتلكن 1% من ثروات العالم، ويشكلن 1% فقط من صانعي القرار في العالم، وهن 75% من اللاجئين والمهاجرين، بسبب الحروب والفقر وانتهاك حقوق الإنسان.

فكيف لها أن تمارس حقها وهي مسلوبة الحقوق..؟

لم لا نؤمن بفكرة نصف المجتمع..؟  أو دعونا- كما في السياسة- نطلب الكثير لنحصل على القليل. لكن تبقى المرأة هي كامل المجتمع.

العدد 1105 - 01/5/2024