من الذي سيتحمل العواقب المواطن أم التاجر؟ رفع الرسوم غير المباشرة والضرائب على العقارات

وافقت اللجنة الاقتصادية في رئاسة مجلس الوزراء على مقترحات بزيادة الإيرادات الجارية للموازنة العامة للدولة عن طريق إضافة نسبة محددة على جميع الرسوم والضرائب المباشرة وغير المباشرة، وبضمنها ضريبة ريع العقارات التي تستوفيها الدولة من المواطنين. فقد تضمنت زيادة الرسوم والضرائب 5% لمدة 3 سنوات.

وكان وزير المالية إسماعيل إسماعيل قد أشار إلى أن (سورية شهدت انخفاضاً في التحصيل الضريبي لعام 2012 إذ بلغت الإيرادات الضريبية 162 مليار ليرة).

وهنا نسأل: أي تأثير سيكون لهذه الزيادة في الضرائب والرسوم، على التاجر أو الصناعي أو المورّد، إضافة إلى المستهلك؟.. في استعراض سريع نجد أن المواطن لم يعد دخله قادراً على تحمل المزيد من الأعباء المادية التي تنتج عن قرارات حكومية خاطفة تخطف المزيد من دخله الهزيل. ولكن بالمقابل نجد أن الخسائر التي مني بها الكثير من القطاعات الحيوية في سورية يضع أعباء مادية كبيرة على كاهل الحكومة، سواء من حيث إعادة التشييد والبناء، أو من حيث تعويض المتضررين، أو حتى نتيجة ارتفاع سعر الصرف وقلة المردود العائد إلى الخزينة العامة نتيجة الأحداث الحالية التي تمر بها سورية، والعقوبات الاقتصادية المفروضة، وصعوبة تحريك عجلة الإنتاج وبطئها. إذ إن هناك وجهتا نظر: واحدة ترى أن الحكومة محقة في رفع الرسوم لزيادة مردود الخزينة العامة، والثانية ترى أن المواطن محق أيضاً لأن دخله غير قادر على تحمل المزيد.

طالب: المستهلك النهائي هو الوحيد الذي سيتحمل عبء رفع الرسوم والضرائب

الخبير الاقتصادي نضال طالب أوضح أن موافقة اللجنة الاقتصادية على رفع الرسوم والضرائب بنسبة 5% هو إجراء متوقع وذلك نتيجة انخفاض الإيرادات، الأمر الذي استدعى هذا الإجراء، وقال: (توقعنا ذلك عندما بدأت الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية وتحرير أسعارها تدريجياً، مثل البنزين والغاز والفيول وغيرها من المواد، وذلك لتخفيف عبء الدعم عن كاهل الميزانية العامة).

وأكد طالب في تصريحه ل (النور) أن القرار بطبيعة الحال، سيكون له تأثير سلبي على الأسواق والمستهلك. ومهما قالوا فإن المستهلك هو الحلقة الأخيرة التي ستصل إليه سلعة التاجر أو المصنع أو المورد الذي زادت ضرائبه.

وبالطبع فإن التاجر أو المصنع لن يخسر شيئاً سوى أنه يُجيِّر ما دفعه من ضرائب ليأخذه من المستهلك. وبالطبع فإن ذلك سيجعل التاجر يقوم بوضع بند جديد ضمن جدول الإنتاج والتكاليف، وهو بند رفع الضرائب لتحتسب من التكلفة. وهذا سينعكس على السعر النهائي للسلعة التي سيتحملها المستهلك بالنهاية، مع التأكيد أن التاجر لن يقلل من هامش ربحه أبداً، وسيبقى هامش ربحه هو نفسه، بل ربما يزيد عما كان سابقاً. ولكن المستهلك بالمقابل سينهكه ارتفاع الأسعار.

وتساءل طالب: هل باستطاعة المستهلك، الذي انخفضت قدرته الشرائية كثيراً بحيث أصبح راتب ل 20 ألف ليرة لا يساوي في قيمته الشرائية الحقيقية أكثر من 5 آلاف ليرة، تحمُّل ذلك؟

واستغرب الخبير الاقتصادي ممن قال بأن رفع الضرائب والرسوم هو مساهمة في إعادة إعمار سورية.. مردفاً: (فعلاً المطلوب من كل مواطن أن يساهم في إعادة إعمار سورية، ولكن في الوقت نفسه مطلوب من الحكومة أن تؤمن حياة مادية مريحة لهذا المواطن، لكي يستطيع أن يساهم في إعادة الإعمار، فدخْلُ المستهلك من الفئات الشعبية لم يعد قادراً على تحمل تكاليف معيشته، فكيف له أن يساهم؟ وأسأل: لماذا يتحمل الفقراء..  دائماً عبء كل إجراء حكومي؟).

ورأى طالب أنه كان يجب أن تقوم الحكومة بدراسة ذلك بشكل أكثر، وأن تبحث عن مطارح ضريبية لا تمس دخل المواطن العادي أو ذوي الدخل المحدود، بل طبقة الأثرياء والتجار الكبار.

وقال أيضاً: (هل درست الحكومة سوق المستهلك والقوة الشرائية للمواطن وقيمة دخله وأعباءه، وبحثت عن مصادر لدعم الموازنة من أجل رفع دخل المستهلك؟..بالطبع لم تقم بذلك).

تاجر: رفع الضرائب لن يكون له تأثير كبير على الأسواق.. والمواطن يجب أن يساهم

بالمقابل قال أحد التجار رافضاً التصريح عن اسمه: (من حق الحكومة رفع الضرائب والرسوم المباشرة وغير المباشرة لمدة معينة، وذلك لأنها تمر بحالة حرب حقيقية على جميع الصعد. وهذا الوضع يتطلب الكثير من النفقات، وخاصة في ظل العقوبات الجائرة المفروضة على سورية، والتي قللت من موارد الخزينة العامة، وخاصة ما تعلق منها بالنفط. لذا فإن الحكومة تعمل قدر الإمكان على تعويض خسائرها بواسطة التحصيل الضريبي، وهو كما ذُكِرَ مؤقت أي لمدة ثلاث سنوات فقط).

وأوضح هذا التاجر في تصريحه ل (النور)، أن سورية تعرضت للكثير من الدمار الذي ضرب القطاعات الحيوية، سواء النفطية أو الصناعية أو الزراعية، وبالتالي أخذت أرقام الخسائر وقوائمه تطول أكثر وأكثر في كل يوم. وبالطبع فإن المواطن الذي يعيش في سورية يجب أن يساهم في تعويض هذه الخسائر قدر الإمكان، لأنه مواطن يعيش على أرض سورية.

ورأى الخبير أن رفع الضرائب والرسوم بنسبة 5% لن يكون له تأثير كبير على الأسواق، فارتفاع الأسعار كان نتيجة العديد من العوامل، وأولها الاحتكار الذي يقوم به بعض التجار والمتلاعبون بأقوات المواطن، إضافة إلى صعوبة النقل وارتفاع تكاليفه، وقلة الإنتاج المحلي، وارتفاع تكاليف الاستيراد نتيجة ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة السورية. إضافة إلى صعوبة ضبط السوق في الوقت الحالي من قبل جهات حماية المستهلك وتحرير جزء كبير من السلع وجعلها تخضع لقانون العرض والطلب.

وكان رئيس اتحاد غرف التجارة السورية غسان القلاع قد أشار في تصريحاته في إحدى الصحف المحلية إلى أنستلك الزيادة هي بمنزلة مساهمة في إعادة الإعمار، وهو لن يشكل عبئاً على دافع الضرائب والرسوم، وإنما هو مساهمة من كل مكلف بهذه النسبة في إعادة الإعمار، ولن يكون له تأثير على ارتفاع الأسعار في السوق لأن تغير سعر القطع كان له التأثير الأكبر، والحكومة لابد لها من إيرادات للمساهمة في إعادة الإعمار، وهذا جزء من المساهمة، ورأى بعض المراقبين الاقتصاديين أن البلاد تمر بظروف استثنائية صعبة، بمعنى، أنه حتى لو اتجهت الحكومة إلى زيادة نسبة الضرائب والرسوم 100% فهذا لن يعوض إلا جزءاً بسيطاً من الخسائر التي منيت بها الدولة. كما لفت القلاع إلى أن صعوبة التحصيل الضريبي وانعدامه في بعض المحافظات التي توقفت فيها الدوائر المالية عن العمل، لن يؤدي إلى تحقيق ما تطمح إليه الحكومة من زيادة في الإيرادات.

تعليق: ماذا عن قرارات إنعاش المواطن؟

يبقى أن نقول: إن المستهلك يئن من تدهور وضعه الاقتصادي، وإن كل قرار يؤدي إلى زيادة في الأسعار قد يستغلها بعض المتاجرين بأقوات المواطنين ويقوم على إثره برفع الأسعار أكثر وأكثر، وذلك لأن حجته هي رفع الرسوم والضرائب، وكنا نفضل أن تلجأ الحكومة إلى رفع معدل الضريبة على الأرباح.. وعلى الريوع.

العدد 1104 - 24/4/2024