هل أحسن مجلس المدينة تنفيذه لتثبيت ملكية المواطنين؟ القانون 33 نعمة أم نقمة على أهالي السويداء؟

من القوانين التي تهدف إلى حل مشاكل وتعقيدات ملكية المواطنين، القانون رقم 33 لعام ،2008 القاضي بتثبيت ملكية العقارات المبنية وأجزاء العقارات غير المبنية في التجمعات السكنية المعينة، في منطقة عقارية محددة ومحررة أو جزء منها، عن طريق إزالة الشيوع وتصحيح الأوصاف والإفراز وتعديل الصحيفة العقارية، بما يتوافق مع الوضع الراهن لهذه العقارات، وفق التعليمات التنفيذية للقانون المذكور الصادرة عن وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي، والتي تتطلب إيقاف العمل بالقانون رقم 3 لعام ،1976 ليتمكن المواطنون من نقل وتثبيت عقود البيع الموجودة لديهم، إضافة إلى تقسيم المنطقة العقارية، مع وضع مخططات تفصيلية وتثبيتها من المساحة. وبالتالي يمكن أن نتساءل: هل جاء القانون نعمة أم نقمة على أهالي السويداء؟

لدى متابعة تنفيذ تعليمات القانون في مناطق السويداء الشرقية، نجد أن القانون لم يأخذ أبعاده والهدف من إصداره، وذلك وفق رأي عضو مجلس مدينة السويداء معذى حاتم، الذي أوضح أن أعمال التحديد والتحرير بدأت في السويداء عام ،1966 وقسمت المدينة إلى سبع مناطق عقارية: السويداء شرقية، منطقة تل الحديد، وكوم الحصى، وعين الزمان، وحي المشرف، وحي الدبيسي، وغيرها. كان الناس حينئذ يجهلون أصول المساحة، ولا يعرفون حدود النهاية الصغرى والنهاية العظمى للمساحات، وخاصة أنها ضمت الأراضي الزراعية إلى السويداء الشرقية وجانب من الأحياء المأهولة والمبنية، وتراوحت مساحة العقارات بين مئة متر مربع وثمانمئة ألف متر مربع. ولم يكن أحد يتوقع التوسع العمراني وتوسع المخططات التنظيمية لمدينة السويداء. وتوالى صدور القوانين والقرارات الخاصة بالتخطيط العمراني، إذ صدر القانون رقم 9 لعام ،1974 ثم القانون بالمرسوم رقم 60 لعام ،1979 ثم القانون رقم 26 لعام 2000. وكان من أبرز سلبياته أنه استند إلى القانون رقم 9 لعام 1974 الذي سبقه بربع قرن، ما حصر الناس في بوتقة المخطط المصدق في عام 1962. ونظراً لحاجة الناس الماسة إلى السكن ومتطلباته كثرت المخالفات الجماعية، وامتدت على الأراضي الزراعية لتشملها باتساعها المساحي. وتراكمت الصعوبات أمام المواطنين، وأصبحت المخططات عاجزة عن تأمين حاجات التوسع، إلى جانب عجز القوانين النافذة عن مسايرة التطور وحاجة الناس. إلى أن صدر القانون رقم 33 لعام ،2008 فظن الناس أن الفرج آت معه، وأن معاناتهم قد انتهت. لكن آمالهم تبددت حين رأوا أن هذا القانون لم يصدر لمدينة السويداء، وأنها مستثناة منه. لذلك لم يحرك ساكناً ولم يبدل وضعاً، بل زادت الأمور سوءً بإصدار قرارات وقوانين ومراسيم لا يمكن تطبيقها على مدينة السويداء بشكل عام، وعلى السويداء الشرقية بشكل خاص.

  وأكد عضو مجلس مدينة السويداء معذى حاتم، الخبير في أعمال المصالح العقارية، أنه بمراجعة مجموعة القوانين والقرارات الصادرة تبين أن القانون رقم 33 لعام 2008 هو الأفضل ويحقق الآمال المرجوة، ويمكن تطبيقه والاستفادة منه إذا اتخذت الخطوات التالية:

الإسراع باتخاذ القرار اللازم بشكل فعلي بوقف العمل بالقانون رقم 3 لعام ،1976 ليتمكن المواطنون من نقل ملكيتهم لدى الدوائر العقارية، وتثبيت عقود البيع الموجودة لديهم، وتقسيم المنطقة المباشر بها إلى كتل عقارية، حتى تكون الحدود بين هذه الكتل إما مجرى وادٍ، أو طريق منفذ لدى الدائرة العقارية، كي تكون فاصلاً بين الكتلة والأخرى، وهذا يتطلب وجود مخططات تفصيلية للمخطط التنظيمي لمدينة السويداء مقياس 1/،1000 وهذا متوفر لدى مجلس مدينة السويداء. فاعتبار طرقات التخديم إضافة إلى الفضلات الناتجة عن حصص المالكين المتضررين ورسم التحسين، هي تعويض للمواطنين المتضررين. وتنفيذ ما جاء في الفصل الثاني ثانياً الفقرة s من القرار رقم 60 /ت تاريخ 16/4/،2009 الصادر عن وزير الزراعة والإصلاح الزراعي، المتضمن اللائحة التنفيذية للقانون ،33 والتعاقد مع مديرية المصالح العقارية لتنفيذ العمل، لأنها الجهة الوحيدة المسؤولة عن تثبيت الأعمال الفنية والقانونية العقارية، إذ تحدد فترة زمنية للتنفيذ، وهذا من صلب عملها. لكن السؤال الأهم: هل يتم اتخاذ تلك الخطوات بجدية من قبل الجهات ذات الاختصاص، وتلك المقترحات المقدمة في تطبيق القانون، ليتناسب قانونياً وإدارياً مع واقع السويداء، خاصة أنها صادرة وفق رؤية تخصصية ضمن عمل المصالح العقارية، وكأنها توصيه موجهة إلى مجلس المدينة بالسويداء، ورسالة غير مباشرة للابتعاد عن الروتين والبيروقراطية الحاملة للتعقيدات الإدارية في تنفيذ القانون.

العدد 1104 - 24/4/2024