قوارير وجرار تحمل ألوانها…ليزا هولا تأبى الركون على الجدران

 ثمة جماليات تكمن في القوارير والجرار تشدُّ الفنان التشكيلي إلى اكتشافها، و..هي غالباً ما تأتي كمعادلٍ إنساني جمالي، لتكوينٍ نسوي، هو جسد المرأة التي طالما كان حمّال جماليات متعددة.

الفنانة التشكيلية ليزا هولا، لن تتجه للتشكيل بهذا المنحى تماماً، وإنما ستأخذ الجرة، والقارورة، وحتى الأباريق والصحون لتكون حوامل أعمالها الفنية، هنا ستقيم الفنانة هولا حواراً حيناً بين حامل العمل الفني الذي هو الجرة أو القارورة، وما تضعه على سطوحه من ألوان وزخرفة، وغير ذلك من القراءات الفنية، وطوراً تُقيم انجدالاً بين الحامل والعمل الفني على سطحه، بذلك تحصل من هذا التماهي على عمل فني ليست مهمته الركون على الحائط، أو الجدار، كما يفترض بمكان اللوحة التشكيلية، هنا عمل الفنانة هولا أقرب إلى الأعمال النحتية الخزفية، التي تأتي أشبه بالمنحوتات مكانها المناضد، والفاترينات، والزوايا.

أعمال تأخذ منحى الزخرفة النباتية بالدرجة الأولى، زخرفة تُثريها الفنانة بغنائية تزينية، وهذا ما توفره لها سطوح الجرار والقوارير، الأمر الذي تقدم من خلاله استعراض تشكيلي، تمنحها تقنية مزج الألوان المائية مع الغراء الكثير من الجماليات لتضع المتلقي أمام (مهرجانات) من التشكيل على هذه الأطباق والجرار والقوارير والأباريق، والتي تسحبها من وظيفتها النفعية الوظيفية، وحتى الفنية المعتادة، إلى نسق آخر من الأبعاد التشكيلية..و قيماً فنية مضافة إلى كل تلك المهام السابقة في تماهي بين الوظيفة اليومية والجمــــــــالية، و..بـــــــــــذلك تُمحي الهوة بين ماهو جـــــــمالي نخبوي، وبين جمــــــــاليات المستهلك العادي.

و..رغم كل هذه القيم الجمالية التي تحصل عليها الفنانة ليزا هولا من شغلها التشكيلي التي حاولت به الخروج عن السائد التشكيلي و..تُفارق عنه، فهي أيضاً لم تقدم استعراضاً تشكيلياً مجانياً، أو فارغاً، بل جاء الأمر عفوياً، وشغلها هنا، يأتي ضمن ما يُطلق عليه في الفنون الجميلة بفن ال (naive) (الناييف) بمعنى الفن العفوي الذي لا يتبع قواعد محددة، و..هنا يرسل الفنان نفسه على سجيتها بعيداً عن القواعد، و..نذكر إن هذه الطريقة من الفن، تشتغل عليها هولا من بداية شغلها الفني، و..قدمت بهذه العفوية عدداً من المعارض التشكيلية، منها ما قدمته في طرطوس مؤخراً.

 

كولاجات وألوان

والفنانة ليزا هنا، لاتكتفي بالألوان على سطوح أعمالها، وإنما تذهب صوب (الكولاج) لتستعيض عن الألوان بالكثير من الحبال وغيرها، تشكّل بها فنونها التشكيلية على هذه الحوامل، أو قد تمزج بين مختلف هذه الكولاجات والألوان في بناء عمارتها الفنية، التي تأتي من خلال عرضها أقرب إلى الفنون المفاهيمية التركيبية، أو ماعُرف من فنون التجهيز، هذه (الحوامل) من جرار وغيرها تقوم الفنانة بمعالجتها، و..من ثم تضيف إليها ألوانها وكولاجاتها..

ليزا هولا، وإضافة إلى شغلها على هذه الحوامل من قوارير وجرار، تشتغل أيضاً على السيراميك – الخزف، وقدمت بذلك مجموعة من الأعمال الفنية أقرب إلى الاتجاه الواقعي، كنوع من الفن التوثيقي لمناظر غروب الشمس فوق البحر، أو تصوير عبور المراكب والقوارب، وهي هنا بامتلاكها القدرة الفنية على صياغة السيراميك وإخراج العمل الفني وإظهاره من حيث التعامل، رغم صعوبة التلوين في تنفيذ أعمال كهذه، مع ذلك فإن لوحة القوارب النافرة تُضاهي قي قيمتها أي عمل تشكيلي، وهنا لديها شغلها الآخر، وهو الشغل على المرايا، وألواح الزجاج، وذلك باستخدام الخشب تارةً، وحيناً باستخدام (الفورميكا) كنوع من الكولاج أيضاً لتقترب أكثر من الفنون الصينية بهذه الغنائية التزينية التي تسعى إليها.

 

العدد 1105 - 01/5/2024