المستهلك يئن من معضلة ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال

مدير حماية المستهلك: الدولار هو السبب!

جمعية حماية المستهلك: هناك سببان لارتفاع الأسعار.. ونطالب بحلول!

 

 طال ارتفاع الأسعار مختلف السلع والخدمات، بذريعة الدولار واستغلال بعض التجار والاحتكار الذي يمارسه ضعاف النفوس، ولم يبقَ سلعة في السوق المحلية إلا وتضاعف سعرها بنسب تبدأ من 100% لتصل إلى 400%. فمن السلع التي طالها ارتفاع الأسعار غير المنطقي، مستلزمات الأطفال من حليب وفوط وألبسة وغيرها، فبات المستهلك الذي لديه أطفال لا يعلم كيف يلبي احتياجات أطفاله.. ففي كل يوم سعر جديد، وفي كل يوم ضعف في القدرة الشرائية، حتى بات يبحث عن البدائل الأقل سعراً لدرجة أنه عاد إلى زمن الأجداد مثل استخدام الفوط القماشية عوضاً عن الفوط الجاهزة، التي بلغت أسعارها العنان، والتي قفزت في اليوم الواحد أكثر من 100 ليرة بالنسبة للفوط الدوغما، أي التي تباع فرطاً، والتي لا تكون معبأة ومغلفة.. أما الفوط المغلفة فقد بلغ سعر القطعة الواحدة (الفوطة) أكثر من 25 ليرة. إذ بلغ سعر الكيس المغلف لأحد أنواع الفوط المغلفة 500 ليرة، ويحتوي على 16 فوطة فقط. وبالتالي أخذ المستهلك يحسب ويطرح ويجمع، لكي يحصل على النوع الذي لا يكبده خسائر كبيرة.

أما الحليب فحدّث ولا حرج، فقد أخذت أسعاره ترتفع ارتفاعاً مخيفاً، فكيس الحليب الذي كان سعره 525 ليرة أصبح ب1100 ليرة، أي أنه تضاعف بسرعة خلال أيام قليلة. أما الألبسة الخاصة بالأطفال فقد شهدت هي أيضاً جنوناً بالأسعار، حتى بات سعرها يقفز يومياً بما لا يقل عن 25 ليرة، وأصبحت القطعة من ألبسة الأطفال لا يقل سعرها عن 1000 ليرة من (أفارول أو بربتوز أو البيجامات) وغيرها. وحدثنا كثير من التجار أن سبب ذلك يعود إلى قلة الإنتاج وانخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار، وارتفاع أسعار المواد الأولية بشكل عام، وصعوبة النقل وارتفاع أجوره.

مدير حماية المستهلك بدمشق: 25 ضبطاً يومياً ينظم.. والدولار سبب ارتفاع الأسعار

أوضح جمال الدين شعيب، مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بدمشق، في تصريحه ل(النور)، أن أسعار مستلزمات الأطفال من فوط وحليب تصدر في نشرة الأسعار الصادرة عن وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك. ونحن نقوم بمراقبة ومتابعة السوق ومحلات التوزيع ومقارنة مدى تنفيذ أسعار النشرة ضمن السوق المحلية بإجراء مقارنة بين السعر المعلن وسعر النشرة، وفي حال وجدت مخالفة ما يُنظم بها ضبط.

وأشار إلى أن النشرة الجديدة للأسعار تضمنت سعراً مرتفعاً لحليب الأطفال، نتيجة تقلب سعر الصرف، وانخفاض سعر صرف الليرة مقابل الدولار.

وأوضح شعيب أن ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال، وخاصة المستوردة منها، سببه ارتفاع سعر صرف الدولار، في حين أن المواد المنتجة محلياً لم ترتفع أسعارها ارتفاعاً كبيراً، وفي حال ارتفعت فإن ذلك يأتي نتيجة ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة أجور النقل والمواد الأولية. وبالطبع نحن نطلب من دوريات حماية المستهلك تشديد الرقابة على البضائع، وخاصة المستوردة منها، بحيث لا نسمح للتاجر أن يحتكر بضائعه في المستودعات ويعرض جزءاً منها فقط، لأن هناك بعض التجار يضعون جزءاً من بضائعهم في المستودعات ويعرضون جزءاً آخر، ولدى ارتفاع الأسعار يقومون بطرح البضائع الموجودة في المستودعات، ولكن بأسعار مرتفعة جداً لكي يحققوا أرباحاً مضاعفة، وهو احتكار لن نسمح به.

وأكد أنه بالتعاون مع مؤسسات التدخل الإيجابي (الخزن والتسويق والاستهلاكية) سنعمل على طرح مواد غذائية بأسعار منافسة يمكن أن تخفض الأسعار في الأسواق.

وأكد أن ضبوطاً يتراوح عددها مابين 20و25 تُنظّم، وكلها تتعلق بمخالفة الأسعار والغش، إضافة إلى العينات التي تُسحب.

جمعية حماية المستهلك: سببان لارتفاع الأسعار

بالمقابل أوضح عدنان دخاخني، رئيس جمعية حماية المستهلك بدمشق وريفها، في تصريحه ل (النور)، أن ارتفاع أسعار مستلزمات الأطفال دفع المستهلك إلى البحث عن البدائل الأقل تكلفة عليه، لدرجة لجأ فيها إلى الفوط القماشية، أي أنه عاد إلى زمن الأجداد، ولكن البدائل لم تسلم أيضاً من ارتفاع الأسعار، وهنا تكمن المصيبة.. مشيراً إلى أن ارتفاع الأسعار في الأسواق جاء بشكل موضوعي لارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الليرة. فقد ارتفع ارتفاعاً مخيفاً بنسبة وصلت إلى 200%، ولكن هناك بعض التجاوزات في الأسعار من قبل بعض التجار وبائعي المفرق، إذ نجد أن الفرق في سعر السلعة نفسها بين محل تجاري وآخر يتراوح بين 30و40%، لذا يمكن القول إن ارتفاع الأسعار له سببان، فهناك سبب يبرر ارتفاع الأسعار، وهو  ارتفاع سعر صرف الدولار، والسبب الثاني غير مبرر يأتي من تلاعب بعض البائعين والتجار.

وأكد دخاخني أن دخل المواطن يتراجع والأسعار تتقدم، فالذي راتبه 20 ألف ليرة أصبح فعلياً لا يساوي أكثر من 5 آلاف ليرة، وقال أيضاً: (الذي دخله جيد لا تفرق معه، ولكن عندما ترفع الحكومة أسعار المحروقات، فإن ذلك سيؤثر على الأسعار بشكل طبيعي، كما أن الدولار أثّر على التاجر ولا يمكن أن نفرض عليه أن يبيع بخسارة، ولكن أيضاً هناك تجار استغلوا الظرف، فبدلاً من أن يربحوا 5% أصبحوا يحققون أرباحاً تصل نسبتها إلى 30 أو40%، لذا نطالب الحكومة بإيجاد حل عاجل  لهذه المشكلة).

الحلول لا تأتي من وراء المكاتب

وأكد أن مؤسسات التدخل الإيجابي لا تقوم بدورها، مشيراً إلى أن الأسعار فيها تفوق 60% أسعار السوق، لافتاً إلى أهمية أن يكون لها دور فاعل وإيجابي في السوق.

وأشار إلى أن المستهلك حالياً يستهلك من مخزونه المادي، وعلى قول المثل (خبي قرشك الأبيض ليومك الأسود)، وهذا ما فعله المستهلك، فالذي لديه مدخرات أخذ يستهلكها، وبالطبع المستهلك، وخاصة ذوي الدخل المحدود، بات في مشكلة حقيقية ويومية، لأن هناك متطلبات يومية يجب عليه أن يقوم بتلبيتها، وقدرته المالية لا تستطيع تحقيق ذلك. وبالطبع هذه مسؤولية الحكومة ويجب عليها إيجاد حل لهذه المعضلة. وكنا قد طرحنا سابقاً مقترحاً، وهو أن يُمنح الموظف راتباً شهرياً إضافياً كل ثلاثة أشهر، لأن من شأن ذلك أن يساعده قليلاً.

وختم رئيس جمعية حماية المستهلك قوله: (نأمل من الفريق الاقتصادي أن يضع حلولاً عاجلة لذوي الدخل المحدود، فهناك الكثير من الأمور التي يجب وضع حد لها، وخاصة أن المستهلك بات يتعرض يومياً للاستغلال وللنصب، لذا يجب على الفريق الاقتصادي النزول إلى الشارع ومعرفة معاناة المواطن والبحث عن حلول، فالكلام لا ينفع دون وجود حلول فعلية على أرض الواقع، والحلول لا تأتي من وراء المكاتب).

مستهلك: الحكومة لا تدرس سوى رفع الأسعار.. فماذا عن التعويض والعاطلين عن العمل؟

أبو خالد (موظف) قال: (يستهلك طفلي الصغير ذو العام والنصف شهرياً علبتَيْ حليب أو أكثر، ومثلها من الحفاضات وغيرها من سلع يحتاجها الطفل في هذه السن، فماذا سيسد راتبي البالغ 15 ألفاً من مستلزمات أسرتي، إذا كان الطفل وحده يحتاج راتباً خاصاً لتأمين حاجاته، في ظل ارتفاع الأسعار المخيف في الأسواق المحلية).

وأضاف: (الحكومة دائماً تدرس رفع الأسعار وتصدر قرارات مفاجئة للجيوب، في حين لا نجد أي دراسة أو تحرك فعلي لرفع الرواتب أو حتى تعويض الموظف عن ارتفاع الأسعار في الأسواق، لذا يفترض بالحكومة أن تتحمّل مسؤولياتها في هذا الجانب، كما يجب عليها العمل على تأمين مستلزمات الأطفال بأسعار مقبولة، وخاصة الحليب والفوط، ووضع حد للاحتكار والاستغلال الذي يقوم به كثير من التجار).

وقال أيضاً: (صحيح أن الحليب والفوط تُسعرّها وزارة التجارة الداخلية، ولكن في حقيقة الأمر لا يلتزم أحد من الباعة بنشرة الأسعار الصادرة عن الوزارة، ويتم البيع بشكل كيفي، والذريعة موجودة دائماً للتاجر وهي ارتفاع سعر صرف الدولار، فهل يعقل أن يرتفع سعر كيلو الفوط الفرط أكثر من 100 ليرة في يوم واحد، ليصبح 550 ليرة، لماذا؟.. وهل حقاً الدولار هو الذي رفع هذه الأسعار إلى درجة الجنون؟ المستهلك في حقيقة الأمر غير قادر على مجاراة هذه الأسعار، ويجب إيجاد حل لهذه الأسعار المخيفة).

المستهلك ياسر قال: (تواصل أسعار السلع ارتفاعها، وأنا عاطل عن العمل ولا أجد ما يسد رمق أسرتي، وحاولت كثيراً البحث عن العمل ولكن لم أجد، وكنت أعمل في مشغل للخياطة ولكنه أغلق نتيجة وجوده في منطقة ساخنة بريف دمشق، وحالياً أخذت أعمل في مجال البناء، ولكن أجري لا يتجاوز 500 ليرة يومياً وهو عمل شاق وخطر، ولكن الحاجة تدفعني لأعمل من أجل تلبية احتياجات أسرتي.. فلدي طفلان وهما بحاجة في كل يوم إلى متطلبات ضرورية من حليب وفوط، وهاتان السلعتان شهدتا ارتفاعاً غير مسبوق، وأنا أسأل أين هو دور الحكومة الاجتماعي، هل تناسته؟.. وماذا عن المواطنين الذين فقدوا عملهم؟ وماذا عن قرارات رفع الأسعار المتتالية مثل الغاز والمازوت والبنزين وغيرها، وأين هو الفريق الاقتصادي؟ ولماذا لم توضع خطة إسعافية لإسعاف المستهلك والعاطل عن العمل؟

تعليق: التحرك العاجل لردم الهوة بين الدخول والأسعار وخلق فرص عمل

بعد عرض السابق، لا بد من التنبيه إلى أنه يجب التحرك السريع لمعالجة الهوّة التي تتسع يوماً بعد يوم بين الدخول والأسعار، وربط الدخول بمؤشرات الأسعار في السوق المحلية، وتأكيد أهمية احتضان البطالة وإيجاد حل سريع لها، لأنها تعدّ عاملاً خطيراً في حال عدم استيعابها بأسرع وقت. كما نأمل من الحكومة عدم الاقتصار على إصدار قرارات رفع الأسعار، دون أن تصدر قرارات موازية تتعلق بالتعويض على المتضررين الفعليين من هذه القرارات، وهم المستهلكون، لأن التاجر لن يقلل هامش ربحه، وبالتالي ستكون الزيادة على حساب المستهلك النهائي الذي ضعفت قدرته الشرائية كثيراً.

العدد 1104 - 24/4/2024