اللقيط.. وتساؤلات لا تنتهي

صادف الأول من حزيران ما يسمونه عيد الطفل العالمي، إشارته تجوب أنحاء العالم أجمع، لتذكرنا بهذه المناسبة على اختلاف تناسب اسمها مع أطفال يعيشون في مختلف البلدان، منهم من يحصل على حياة كريمة ويعيش في ظل عائلة ترعاه وتقدم له الاهتمام والحماية، فيمر عليهم كل يوم عيد، فيصبح 1 حزيران حصيلة أيام متتالية من الأعياد، ومنهم من يوجد على الطريق لا يتسنى له الاحتفال بأي عيد بسبب تخلي والديه عنه، فلا يعرف له نسب ينتسب إليه، يلقب بكلمة واحدة ترافقه مدى الحياة، إنها مفردة من أصعب المفردات وأقساها: (لقيط)، هو طفل منبوذ تخلى عنه والداه منذ البداية، لأنه ثمرة غريزة جمعتهما بطريقة غير شرعية، لتكون نهايتها بداية حياة هذا الطفل المليئة بالضبابية والوهم والقلق، وكمٌّ هائل من أسئلة لا تلقى جواب.. من أنا؟ ما تاريخ ميلادي؟ أين عائلتي؟ ولماذا ليس لدي إخوة؟

طفل يتحمل تبعات لم تكن خياره أبداً، تجلل حياته أصابع الاتهام الموجّهة إليه دائماً، بسبب جريمة لا ذنب له فيها..

مجموعة أسئلة يُعهد بتفسيرها والتخفيف من حدتها اليوم إلى مؤسسات رعاية الأطفال المعنية بتقديم الدعم النفسي للطفل اللقيط، ليصبح قادراً على مواجهة مجتمع رافض له .. حتى أن الكثيرين ممن يتبنون الأطفال، لا يرغبون بتبني طفل مجهول النسب والهوية. واليوم يشهد المجتمع السوري ارتفاع نسبة هؤلاء الأطفال بسبب ما يجري، وما تتعرض له العديد من النساء والفتيات من حالات اغتصاب، تحاول بعدها المرأة التخلّص من وصمة عار لا ذنب لها فيها سوى أنها امرأة في مجتمع أرخى بكل ثقل مفاهيم الشرف عليها وحدها دون الآخر الذي قادته غرائزه الحيوانية لارتكاب جريمة مركّبة بحق المرأة والطفل والمجتمع.

لقد جاءت اتفاقية حقوق الطفل لتشمل حماية كل الأطفال، وبضمنهم اللقطاء، وقد ارتأى القانون بداية أن يُسلّم هذا الطفل البريء إلى أقرب مركز للشرطة، وينظم ضبط يبيّن ما هي الحالة الأولى للطفل عند العثور عليه، فيسجل فيه لون ملابسه والهيئة التي عُثِر عليه بها، لأنها دليله الذي يرافقه أبداً، فربما يعثر في يوم من الأيام على والديه، ويتجاوز ما حل به.

هو ليس طفلاً مات والداه بنظره فحسب، بل مات فيه الإحساس بجمالية الحياة. يحتاج إلى حنان مضاعف كي يتجاوز عقدة النقص لديه، وعند سؤال دكتور مختص بالطب النفسي عن حالة هؤلاء الأطفال، أكد أنهم أكثر الأطفال الذين يعانون من اضطرابات في السلوك واضطرابات القلق والاكتئاب، مما يؤثر على حياتهم بشكل عام بما فيها تقدمهم الدراسي والأكاديمي، وذلك لعدم وجود المعيل من جهة، وعدم وجود شخص مناسب يعودون إليه ليعطيهم الحنان والأمان الكافي، كما أّكد المختص النفسي أهمية دور مؤسسات الإيواء، وضرورة وجود الأشخاص المناسبين والمؤهلين لرعاية مثل هؤلاء الأطفال، الذين سيشكلون شريحة من المجتمع لا يستهان بها فيما بعد.

ففي عيدك يا طفلي الحبيب، نرفع أرقى تحية لك، ونمجّد صبرك في هذه الأيام، والأيام القادمة، في ظل ما نعيشه من أزمة تمر علينا، فتسرق سعادة أيامك قبل أن تكتشفها.

العدد 1105 - 01/5/2024