دواوين الشعر المشتركة.. حالات نادرة أم ظاهرة؟

 ازدادت في الآونة الأخيرة دواوين الشعر التي تضم نصوصاً لأكثر من شاعر، ولعل ارتفاع أسعار الورق وغلاء المعيشة اضطر بعض الشعراء إلى الاشتراك في ديوانٍ واحد.. فبعد أن باتت الكثير من العائلات تتشارك سكنها مع عائلات أخرى.. والأقارب يتناوبون في الوقوف على الطوابير الطويلة لكل شيء.. ربما يجب أن لا نستهجن كثيراً تشارك أكثر من شاعر في ديوان  واحد.

لكن هناك أسئلة تتوارد إلى الأذهان حول تلك الدواوين.. هل هناك انسجام في الموضوعات التي تطرحها النصوص المتباينة؟ وهل هناك تقارب في سوية كتابها؟ أم أن المشترك الوحيد بين الشعراء هو عجز الفرد منهم عن تحمّل تكاليف طباعة ديوانه الخاص أو إيجاد جهة راعية؟ وهل جمهور شاعرٍ ما، مضطر لدفع ثمن ديوان فيه بضع قصائد لهذا الشاعر وعشرات القصائد الأخرى لمن هم سواه؟

ولسنا ننكر أن بعض الدواوين المشتركة فيها انسجام بين الموضوعات التي يختارها الشعراء وتقدير متبادل نابع من تقارب المستويات الإبداعية كديوان (صِبَا) مثلاً الذي صدر مؤخراً للشعراء خالد محمود، فراس نجار، قاسم فرحات، محمد عبود. ومن جهةٍ أخرى تُعد معظم تلك الدواوين المشتركة ثمرة الظاهرة المتنامية للمجموعات الشعرية على مواقع التواصل الاجتماعي.. فقد بات من المتعارف عليه للكثير من تلك المجموعات أن تقوم في نهاية كل عام بترشيح أفضل النصوص التي نشرت فيها خلال العام، لتجمع وتنشر ضمن ديوان يحمل اسم المجموعة مثل ديوان (حديث الياسمين 2) وقد صدر مؤخراً عن ملتقى (حديث الياسمين) القائم فقط في العالم الافتراضي (فيس بوك)، وهذا الديوان هو ثاني ديوان يصدره الملتقى وقد بلغ عدد صفحات الديوان الأول 379 موزعة على 97 قصيدة، وقصيدة نثر، لثلاثين شاعراً من مختلف المحافظات السورية إضافة إلى شعراء عرب.

ويبقى السؤال: هل من العدل أن يصدر ديوانٌ واحد يضمُّ قصائد لثلاثين شاعراً؟ ألن يؤدي ذلك إلى الحديث عنه إعلامياً ونقدياً بالعموم، وبالتالي قد لا يتيح ذلك تناوله بمعيارية تميز بين الحسن فيه والرديء؟

لكن شئنا أم أبينا فظاهرة الديوان المشترك تتنامى، وقد يقع بين أيدينا ديوانٌ يحتوي ما يحتوي بين دفتيه من تناقضات من حيث الطرح الفكري والأسلوب الفني، فنجد فيه الشعر واللاشعر جنباً إلى جنب، وقد تتسابق منتديات الشعر في العالم الافتراضي إلى إصدار دواوين ضخمة يطغى فيها الكم على النوع ما دام بإمكان أيٍّ كان أن يُنشئ منتدى افتراضياً ويُحصِّلَ من خلاله علاقات اجتماعية تتيح له أن يطرح ثماراً طيبة أو رديئة في أرض الواقع.