نقطة حرب

يحدث أن ينتابك شعور ما، تراك معه، على أحب ما تحب أن تكون عليه من عافية النفس والجسد، لو قيّض لك الإمساك به، وإظهاره للملأ، لولا (ولكن):

(1)

تأخذك التفاته إلى أحد أطفالك، فترى في عينيه صوراً ولوحاتٍ، مما أهديتماه أنت وأمه، من أسباب التعاسة والقلق، ومما يطمح أن يحققه لكما من أسباب السعادة والاستقرار..

(2)

تواجهك على الدرب، عصر يوم حزيراني قائظ، فتاةٌ، على غير قليل من الجمال والفقر والرضا، وقد عادت من عملها ببضع حبات من الخيار والبندورة (تلاعب سلّتها)، و(يعطيكِ العافية.. ويسلّم إيديكِ يا حلوة!)، من صاحب مزرعة القرية (تداعب خيالها)..

(3)

تلاحقك متطلبات العيش، وأعباء الحياة، حتى الفراش.. وتلاوة ما تيسّر من الذكر، فتعيث عبثاً بمخزون حافظتك وصلاح لسانك. فإذا (مَخْرَجاً) في (منْ يتّقِ الله يجعل له مخرجاً ويرزقه مِنْ حيث لا يحتسب)، تصير: مخرزاً!

(حسبه) في (ومن يتوكل على الله فهو حسبه)، تصير: حبسه!

و(بالغٌ) في (إنّ الله بالغ أمره)، تصير: بالعٌ!

و(قَدَرا) في (وقد جعل الله لكل شيء قدرا)، تصير: قِرْدا!

(4)

تقرأ عن احتفاء رسمي وشعبي، تقيمه إحدى الدول المغمورة، لأحد مبدعيها الشباب، مجزية له ما هو جدير به من تقدير وتكريم، إضافة إلى توفيرها له سائر الحوافز، تمهيداً وتحفيزاً ورعاية.

فتبرق، في سماء اعتزازك، أسماء مبدعين عالميين من بلادك..

تورق، في حدائق فخرك، روائع أعمالهم، فتكاد تأخذك حميّة الاعتداد بالذات وبالآخر، والانتصار للحق ومستحقه، إلى امتشاق العزم والقلم، ووضع غير نقطة حرب، على غير حرف علّة في مدوّنة الوطن.

(5)

ويحدث أن ينتقل ضغط كابوس الأزمة بأنواعه، على الجهات المعنية، إلى مسؤولي المطبوعة التي تنشر فيها، المطبوعة الأكثر تأثراً واكتراثاً بآهات المظلومين واستغاثات المسحوقين المهمّشين، فإذا بصفحاتها (أي المطبوعة) تتقلّص، لتحول دون اشتمال العديد من مقالات النقد، وإذا بصدرها يضيق، فيعتذر عن احتضان المزيد من آلام المعذبين وآمالهم!

العدد 1105 - 01/5/2024