أمريكا وأصدقاؤها

كشف المركز الروسي للمصالحة الوطنية في حميميم تحركاً متهوراً آخر للعصابات الإرهابية، وقال رئيس المركز الفريق سيرغي كورالكنو: (أطلق إرهابيون عديدون من جبهة النصرة الإرهابية مراراً نيران مدافع الهاون على أرض تركية من منطقة قرب قرية متشلي السورية).

ويرى أن هذا العقوق تجاه المحسن المتسامح له تفسير واحد فقط: (أرادت أعمال الإرهابيين استفزاز وحدات الجيش التركي كي ترد بالنار وترسل قواتها إلى سورية، ما سيؤدي بالتأكيد إلى تمزيق العملية السلمية). (آرتي، في 6 آذار 2016).

عند كل خطوة على الطريق، تبذل موسكو كل ما في وسعها لجعل واشنطن تنفذ ذلك الجزء من عملية السلام الذي وقّعت عليه في جنيف، ويوجد لدى مركز حميميم اتصال دائم بالخط الساخن مع نظيره الأمريكي في الأردن.

أخبر رئيس الأركان سيرغي رود سكوي مؤتمراً صحفياً: (من أجل تبادل المعلومات مع الزملاء الأمريكيين، أعددنا خريطة للوضع على الأرض في سورية، وسُلّمت هذه الخريطة إلى الجانب الأمريكي خلال المشاورات الثنائية في 26 شباط، وكذلك عبر الأقنية العسكرية والدبلوماسية، ويمكن على هذه الخريطة رؤية المناطق التي تجري فيها العملية السلمية، وكذلك المناطق التي تسيطر عليها داعش أو جبهة النصرة أو جماعات مسلحة أخرى). (آرتي، في 27 شباط 2016). وإذا ظل الغرب راغباً في توجيه المزيد من الاتهامات التي لا أساس لها، حول استهداف روسيا المشافي وغيرها، فإن سبعين طائرة من دون طيار ستراقب وقف الأعمال القتالية.

تحرّك الكلب

ولكن ما لا تستطيع روسيا ضمانه هو الدرجة التي قد تصبح فيها بلدان مثل السعودية وقطر وتركيا التي طالما استخدمتها الولايات المتحدة لزعزعة الاستقرار، هي نفسها غير مستقرة بحيث لا يستطيع حتى أصدقاؤها التنبؤ بأعمالها، فضلاً عن أعدائها.

إن حرب الاضطهاد القومي التي يشنها أردوغان ضد الأكراد مع حرب داخلية من القمع السياسي يمكن أن تحوّل بعد التعزيز الاستفزازي لقواته المسلحة على الحدود السورية إليجزمات فعلية على الأرض، حسبما هدد أردوغان.

كليب مماثل يرغي ويزيد عرضته السعودية، زبونة الولايات المتحدة من خلال تعبير الناطق باسمها عن أنها تواقة لنشر قواتها على الأرض، إذا وافق التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة (الإمبريالية الأمريكية) على هذا الخيار.

النتيجة المحتملة لمثل هذا السلوك من قبل تركيا والسعودية ستكون بلا شك، كما تنبأ وزير الخارجية السوري وليد المعلم: (أؤكد لكم أن المعتدي سيعود إلى بلده في صندوق خشبي). (آرتي، في 6 شباط 2016).

أما الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا، وبعد أن سمعت التهديدات من الرياض، فقد سألت بقسوة القوات المسلحة السعودية: (أخشى أن أسأل: هل هزموا الجميع في اليمن؟).

إن المقاومة المتواصلة التي يقودها الحوثيون في اليمن، وصمودهم ببطولة في وجه القصف السعودي المكثف شهراً بعد شهر قد أكسب الحوثيين والوطنيين اليمنيين الآخرين المتحالفين معهم، مكان شرف في محور المقاومة.

حلفاء صعبون

واجهت الحكومة الصربية احتجاجات جماهيرية ضد قرارها عقد اتفاقية تمنح الحصانة الدبلوماسية وحرية الحركة لقوات منظمة حلف شمال الأطلسي، وتواجه الآن تحدياً بسبب الأنباء عن أن اثنين من أركان سفارتها كانا من بين أكثر من أربعين قتيلاً في ضربات جوية أمريكية، يُفترض أنها ضد جماعة تابعة لـ(داعش) في مصراتة بليبيا، وهذا يمكن أن يصلب الرأي العام ضد استخدام صربيا كمنطقة المراحل للإمبريالية الأمريكية.

يحاول الرئيس الصربي حالياً العمل على جبهتين، بعقد اتفاقات مع حلف شمال الأطلسي في حين يهنئ روسيا على تدخلها في سورية.

ثرثر رئيس الحلف الأطلسي بوضوح حول خطر المثال الجيد، ويزعم الآن أن روسيا تحاول (تخويف جيرانها) و(تقسيم حلفاء ناتو) ليلزم بذلك منظمة حلف شمال الأطلسي على الرد بزيادة وجودها في المنطقة). (آرتي، في 8 آذار).

انفجرت خيبة أمل أوباما مما يفترض أنه الأداء المنخفض للحلفاء، غضباً، في مقالة حديثة نشرتها مجلة (ذي أتلانتيك)، اشتكى فيها الرئيس مما (سار بشكل خاطئ) بعد الإطاحة بالحكومة الليبية.

أخبر أوباما محاوره: (يوجد مجال للانتقاد، لأنه كانت لدي ثقة أكبر في الأوربيين، بالنسبة للمقاربة الليبية)، وشمل ديفيد كاميرون بالنقد القاسي، شاكياً من أن رئيس الوزراء بات (متحيراً في إدارة وضع ليبيا.. واشتكى أيضاً من (الركاب المجانين) في أوربا والشرق الأوسط (أشخاص يدفعوننا إلى العمل ويبدون بعد ذلك عدم الرغبة في تقديم شيء في اللعبة). (بي بي سي في 11 آذار 2016).

في صراع الإمبريالية الأمريكية من أجل الدفاع عن موقع سيطرة عالمي لا يمكن تبريره بأداء اقتصادي، ولذلك يمكن إنقاذه فقط من خلال الابتزاز ولي الذراع والحرب، سيكون لديها المزيد من تلك الفرص كي تعيد اكتشاف ما قاله رئيس الوزراء اللورد بالمرستون في القرن التاسع عشر: (الدول لا يوجد لديها حلفاء دائمون، توجد لديها فقط مصالح دائمة).

ترجمة ميشيل منيّر

عن مجلة «بروليتاريان» البريطانية

العدد 1105 - 01/5/2024