رحيل الرفيقة مارغوت هونيكر

 كان الحديث الذي أدلت به الرفيقة مارغوت هونيكر ونشرته (النور) في 3 شباط الماضي هو آخر حديث لها.. فقد رحلت في 6 أيار 2016 عن 89 عاماً في العاصمة التشيلية سانتياغو.

عملت مارغوت وزيرة لثقافة الشعب في جمهورية ألمانيا الديمقراطية من عام 1963 إلى ،1986 وكانت عضواً قيادياً في حزب الوحدة الاشتراكية الحاكم وزوجة قائد جمهورية ألمانيا الديمقراطية الرفيق إيريش هونيكر.

عاشت في المنفى في تشيلي، فقد ذهبت إلى هناك من موسكو منذ عام ،1992 بعد أن دمرت الخيانة التحريفية لطغمة غورباتشوف الدولة الألمانية الاشتراكية وسهلت ضمها من قبل الجمهورية الاتحادية الإمبريالية.

عُرفت جمهورية ألمانية الديمقراطية من بين دول أوربا الاشتراكية بشكل خاص بأمميتها وعدائها للإمبريالية، من فيتنام إلى كوريا، ومن جنوب إفريقيا إلى موزامبيق وأنغولا، ومن كوبا إلى نيكاراغوا، كان سجلها بارزاً وصادقاً وكريماً.

بعد الانقلاب الفاشي الذي جرى بوحي من الولايات المتحدة في تشيلي، وأطاح بالقوة بحكومة سلفادور اللندي التقدمية في أيلول 1973 وأطلق عهد الإرهاب الوحشي الرجعي، فتحت جمهورية ألمانيا الديمقراطية أبوابها لآلاف عديدة من اللاجئين التشيليين، وكانت من ضمنهم الرئيسة التشيلية الحالية ميشيل باتشيليت التي توفي والدها العميد في القوات الجوية نتيجة التعذيب الذي مارسه نظام بينوشيه، وهناك تشيلي آخر مُنح الملتجأ في جمهورية ألمانيا الديمقراطية هو ليويانيز بيتانكورت الذي تزوج ابنة هونيكر سونيا، ولذلك لم يكن مفاجئاً أن ترحب تشيلي الديمقراطية أيضاً بإيريش ومارغوت هونيكر للعيش في أمان مع ابنتهما وصهرهما وحفيدهما.

أعلن الحزب الشيوعي في تشيلي وفاة الرفيقة هونيكر الذي ارتبطت معه بعلاقات وثيقة، وذكر الحزب:

(يتذكر آلاف الشيوعيين التشيليين المنفيين ويقدرون بعمق التضامن والصداقة الذين شاركت فيهما بنشاط مارغوت هونيكر، التضامن الذي شمل الشعب التشيلي في اللحظات الصعبة من الديكتاتورية التي ضربت بلدنا منذ أيلول 1973).

(نذرت نفسها منذ شبابها لقضية الاشتراكية وناضلت من أجل سيادة وتطور جمهورية ألمانيا الديمقراطية، وبعد سقوط الاشتراكية في أوربا حصلت على اللجوء السياسي في تشيلي، حيث احتفظت بروابط صداقة مع حزبنا، وخصوصاً مع أعضاء حزبنا الذين تمكنوا من إعادة بناء حيواتهم في جمهورية ألمانيا الديمقراطة، حيث حظوا بترحيب وأخوة الشعب الألماني.. تضامن لا ينسى).

ولدت مارغوت فيست (اسم مارغوت هونيكر قبل الزواج) في 17 نيسان ،1927 وكان والدها حذّاء وعاملاً في معمل، وكان والداها عضوين في الحزب الشيوعي الألماني، وكذلك شقيقها مانغريد، وبعد صعود النازيين إلى السلطة اعتُقل والدها أولاً في ليختبرغ وبعد ذلك في معسكر الاعتقال بوخنغالد، وجرى تفتيش بيت طفولتها من قبل الغستابو في مناسبات عديدة.

وعندما هزم الجيش الأحمر السوفييتي الفاشية ووصل إلى برلين في عام ،1945 انضمت مارغوت إلى الحزب الشيوعي الألماني الذي اندمج مع الحزب الاشتراكي الألماني في نيسان 1946 ليشكلا حزباً موحداً للطبقة العاملة، وعملت أولاً كضاربة آلة كاتبة لدى الاتحاد الإقليمي لنقابات العمال في ساكسوني- أينهولت، ولكنها بعد وقت قصير احتلت مناصب قيادية في اتحاد الشبيبة الحرة الألمانية، وفي عام 1948 أصبحت رئيسة منظمة طلائع إرنست تيلمان، وفي عام 1950 انتخبت في سن الـ22 أصغر عضو في برلمان جمهورية ألمانيا الديمقراطية الوليد.

ناضلت كإنسانة طوال حياتها من أجل قضية الطبقة العاملة ضد الإمبريالية ومن أجل الاشتراكية، وقاومت تدمير بلدها الاشتراكي، ورفضت التخلي عن الشيوعية، وانضمت إلى الحزب الشيوعي الألماني المصلح في عام 1990. اكتسبت مارغوت هونيكر الكراهية الدائمة للعدو الطبقي، وقد انعكس ذلك بإسهاب في الإعلام البرجوازي عند الحديث عن وفاتها.

وكما ظلت الرفيقة هونيكر تتمتع بكراهية البرجوازية الإمبريالية، كذلك ظلت تتمتع بالتقدير الأخوي للرفاق في الخط الأمامي للنضال ضد الإمبريالية.

سافرت في تموز 2008 إلى نيكاراغوا بمناسبة الذكرى الـ29 للثورة الساندينية، حيث قدم لها الرئيس دانييل أورتيغا ميدالية تقديراً للدعم غير المحدود الذي قدمته لنضال نيكاراغوا الثورية الظافر لمحو الأمية في ثمانينيات القرن العشرين. ذكر الإعلام الألماني بحقد غير مموه أنه في الاحتفال الذي شارك فيه أيضاً الرئيس الفنزويلي هوغو تشافيز ورئيس باراغواي فرناندو لوغو (الذي أطيح به فيما بعد في انقلاب مدعوم أمريكياً) واليدامارش أرملة تشي غيفارا، كانت مارغوت متبهجة وترفع قبضتها في الهواء، وأنها صفقت وغنت ولوحت بيديها وبدت في صحة جيدة. وتابع تقرير مجلة (دير شبيغل): (عندما استلمت مارغوت الجائزة تحولت إلى الجمهور رافعة قبضتها وهتفت: عاشت الثورة، عاشت نيكاراغوا).

ذكرت روزاريو موريلو، زوجة الرفيق أورتيغا، زوج مارغوت إيريش قائلة: (لقد أظهر الكثير من التضامن والمحبة لشعب نيكاراغوا الحر).

تحية لذكرى الرفيقة مارغوت هونيكر!

العدد 1105 - 01/5/2024