الإخلاص حالة غير مستقرة

 الإخلاص بمعنى الوفاء، هو حالة الثقة المتبادلة بين شريكين مرتبطين عاطفياً، يلتزمان بشروط وقواعد الارتباط الصحيح بينهما، دون الإخلال بما يتفقان عليه، أو ما تفرضه عليهما أصول الشراكة المعتادة في المجتمع والبيئة والتشريع الديني أو القانوني والأعراف الأخلاقية والتقاليد العامة.

الإخلاص نقيض الخيانة، الإخلاص والخيانة، هما أهم عاملين يوجدان في كل حالات الشراكة، يحلُّ أحدهما مكان الآخر، ولا يمكن أن يوجدا معاً في الوقت نفسه.

ليس الإخلاص شعورا أو إحساساً أو غريزة تخلق مع الإنسان، بل هو حالة شخصية أخلاقية يكتسبها الإنسان من مزايا التربية الصحيحة، ومن التأثر بالمجتمع والأسرة ومن طبيعة التفاهم والراحة النفسية والعاطفية بين الشريكين.

هو قرار يتخذه الشريكان، عند نية اندماج حياتيهما معاً بشراكة معينة، هو الابتعاد عن عدم الثقة بتصرفات كل منهما، وعدم الشك بوجود الغش والخداع بينهما، هو حالة أخلاقية يلتزم بها الإنسان السوي نفسياً وفكرياً.

حيثما يوجد الإخلاص، توجد الراحة النفسية، والاحترام المتبادل والعلاقات الصحيحة، ليس في الحياة العاطفية فقط بل في كل مجالات الشراكة كالتجارة والعمل والمهنة.

تتفاوت نسبة الإخلاص بين الرجل والمرأة، فأغلب النساء يعتبرن الإخلاص هو الخضوع للشريك الرجل في كل رغباته وتعليماته وأوامره، وعدم الاختلاط بالرجال الآخرين لأكثر من حدود معينة، بطبيعة الحال هذه الحدود من العلاقات مع الآخرين لا يفرضها الشريك الرجل فقط، بل يفرضها المجتمع والأخلاق العامة، فأي خروج عن المألوف في إخلاص المرأة لبيتها ولشريكها، يعتبر سوء أخلاق وسوء سلوك، وتكثر الاتهامات لها.

المرأة الخاضعة لقسوة تكوينها الجسدي، وكثرة المحرمات الشرعية والقانونية والاجتماعية، التي تقيدها بإطارات ضيقة جداً، تخشى أشد ما تخشى من سيوف التشهير بكرامتها وعفتها وشرفها، وبالتالي شرف أسرتها وعائلتها، إن تجاوزت قليلاً حدود الإخلاص، فبالتالي هي مضطرة على الحفاظ عليه، وإن خالف شريكها الرجل أصول ذلك الإخلاص.

الشريك الرجل لا يخاف من ألسنة المجتمع الذي يعتبر نزواته وعدم التزامه بالإخلاص، هو رجولة وبطولة إن جاز التعبير، وحقاً شخصياً لا يضيره أن يكون له علاقات عابرة خارج التزامه العاطفي بشريكته المرأة.

المرأة تجد نفسها سجينة قفص الإخلاص، وهي مجبرة وإن كان الشريك الرجل يغرد خارج القفص، ويطير بعيداً في فضاءات مختلفة، وتخطئ الدراسات التي تقول بأن نسبة الإخلاص من جهة الرجل تقترب من نسبتها عند المرأة، فالفارق بينهما كبير جداً.

عندما لا يتم الاتفاق والتفاهم بين الشريكين على متابعة الحياة الصحيحة بينهما، فمن الأجدر الانفصال وفض الشراكة بطرق قانونية وشرعية، ليجد كل منهما شريكاً آخر قد يتحقق التوافق معه، دون اللجوء إلى الخيانة وعدم الإخلاص، والكذب وعدم الثقة، التي تجعل حياة الشريكين صعبة، والانفصال ليس عيباً ولا حراماً، بل هو الحل الأفضل دائماً.

العدد 1105 - 01/5/2024