أحلام سعد نت

صاحبنا سعد بعد أن منّ الله عليه بفكرٍ وقّاد ولمّاح محا أُمّيّته التقليدية المتمثّلة بفكّ طلاسم حروف الهجاء من الألف إلى الياء، وجمعها في كلمات ومصطلحات. استهوته هذه العملية وبدأ يسترسل في تعلّمه لبقية اللغات لمعرفة ما يؤدي إليه حوار أو صراع الحضارات. لم يكتفِ عند هذا الحد بل بدأ مشواره الجديد بالدخول في /أوتوستراد/ العولمة ذهاباً وإياباً، فقرّر تعلّم لغة العالم الجديد ومعرفة أسراره من خلال الإنترنت. أدخله هذا الجهاز العجيب بضغطة زرٍ إلى أبعد مكان في المعمورة وأكثره وعورة وخطورة خلال ثوانٍ. وكأن ليلة القدر قد فتحت له / نافذة السعد/. دخل إلى مواقع الحكومات الإلكترونية لمعرفة أسرار المتغيرات الكونية، كالاحتباس الحراري وثقب الأوزون ومخاطر العولمة. لكن بالخطأ ضغط بإصبعه على زر آخر نقله إلى مواقع الصيادين، فتحوّل رأسه إلى كتلة ثلجية من هول ما رأى مما يحاك في الخفاء ضد إنسانية الإنسان، وكيف يتفننون في تصنيع أسلحة قنص فتّاكة وصامتة، لاستخدامها بهدوء في كلّ الأوقات وبضمنها الأشهر الحرم. عدّل سعد جلسته ، لكنه أخطأ مرة أخرى وضغط على زر آخر نقله إلى موقع جديد بدأ يدغدغ حواسه من خلال الصوت والصورة، فازداد حجم مخزونه المعرفي كمّاً ونوعاً في أغلب علوم الحياة، حتى غدا مرجعاً موثوقاً يؤخذ برأيه في بلدته والقرى المجاورة لها. وأصبح يعرف كيف ومتى يشتري ويبيع الأسهم، وصارت له دراية كاملة ومتكاملة في سوق الأوراق المالية والبورصات العالمية، وأسعار معادنها الثمينة، وثرواتها الدفينة، بما فيها (العربي الخفيف).

وبضغطة أخرى- دون أن يدري -وعلى زرّ آخر انتقل إلى موقع الفوائد (قسم البطاطا)، ولأنه لا يحلم بأبعد منها هو ومعظم سكان بلدته تعرّف على فوائدها الصحيّة والغذائيّة. وما إن نشر الخبر على لسان سعد عن أهميتها في معالجة قروح الجهاز الهضمي وأنها تدرّ البول وتفتّت الحصى وتلطّف أمراض الأمعاء الغليظة والكولون وتهدئ الأعصاب لاحتوائها على فيتامين (بي كومبلكس) وتقلّل من ضغط الدم الشرياني العالي. وأن مسحوقها يساعد على تخثّر الدم وإغلاق الجروح المفتوحة!. حتى انهالت عليه التبريكات من كل حدب وصوبٍ.

وقتذاك شَرَدَ سعد قليلاً إثر منولوج داخلي انتابه بعد معرفة الفوائد وصرخ قائلاً: (يا ألله سأزفّ هذه البشرى السارّة للصيادلة علّهم يصنعون منها كبسولات لإيقاف نزف الدمّ المجاني المتدفّق في أرجاء المعمورة). لكنه في لحظة إلهام قرر ألا يخبر أحداً بما يعرف خوفاً من أن يصبح سعر غرام البطاطا حسب العيارات 18- 21- 24 ! فكيف سيغني حينئذٍ: عَ البساطة البساطة، ياعيني عَ البساطة، بتعشيني خبز وزيتون وتغديني بطاطا! وهو الذي عاش عمره يحلم بعروس تغني له هذه الأغنية راضية بالعيش وفقاً لكلماتها. (مجرد حلم مسته ذاكرة سعد نت).

العدد 1102 - 03/4/2024