«شروال» الخال

يحكى أن رجلاً ذهب ليتسوق ذات صيف لاهب، فاشتهى العنب في قيظ آب، الأمر الذي حمله على أن يطلبه بشهية مضاعفة، وتم الأمر، ثمة ما ليس بالحسبان، فقد دخل (دبور) (شرواله).

حاول بادئ الأمر أن يكظم غيظه ويتظاهر باللامبالاة، أي أن يبقى هادئاً دون امتعاض وعلامات تُشِعر الآخرين بأن في الأمر (إنّ)!

لكن (الدبور)، الذي وجد في فضاء (الشروال) مرتعاً خصباً قام بشتى ضروب الاستعراض، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، (القرص، اللسع، الدغدغة) وما تيسّر من قاموس العذاب الصامت. وما زال الرجل صامداً يجهد في استدعاء ذكريات وتداعيات جميلة، كي ينجو من (شرك الدبور) ومأزقه المفاجئ وألاعيبه المخجلة. لكن لسعة بعينها أخرجت الرجل عن عقله ولم يعد الأمر مجدياً، سواء بالضغط على الشفاه، أو الأسنان، أو الأصابع.

لقد خلع (شرواله) دون تردّد وسط ذهول الباعة والناس.

ولم يعد المسكين يريد العنب، أراد فقط أن يجد طريقة لائقة لارتداء (الشروال) بعيداً عن العيون التي لا حقته بفضول وخبث. حار في سؤالٍ أكثر حرارة من ذلك الصيف: هل الخطأ في (الشروال) أم في (الدبور). ثم سؤال ثانٍ: من سلّط الدبور عليه ليضعه في موقف لا يحسد عليه؟!

ظلت الأسئلة حائرة بلا أجوبة ناجزة، سوى أن صاحب (الشروال) هو خالي الذي ذهبت حكاية شغفه بالعنب إلى النسيان. أما إشكالية الدبور فقد بقيت رهن هواجسي، ومنها: كيف السبيل لطرد الزلاقط العابثة؟!

ولو ذهب الدبور تواً لحصته من العنب (لقامت نامت) على حد تعبير صديقي الشاعر أحمد المقداد، هي حكاية آتية من (ألف نهار ونهار)، كان الحدث ليقع وتبنى عشرات التأويلات.

لم يكن بوسع الخال إلا أن يلبس شرواله، ولم يكن بوسع (الدبور) إلا أن يذهب لعادته المزمنة، ليملي على -الخال- سلوكاً غير اعتيادي، ويتواطأ الجميع على طريقته بحسن التخلص من عبث (الدبور)، لكنهم تساءلوا في الوقت عينه: ما الذي سنفعله لو حدث ذلك الشيء معنا؟!

العدد 1104 - 24/4/2024