تاج الدين الموسى… الطفل الذي ولد غداً !

تاج الدين الموسى
2/10/2012… إنه عيد ميلاده
قل له: (عيد ميلاد سعيد)
هذا ما ظهر على صفحتي في الفيسبوك…  إذاً صديقي على الفيسبوك تاج الدين الموسى يصادف عيد ميلاده اليوم وعليّ أن أهنئه بهذا اليوم.
لسوء حظي لم أتعرف عليه شخصياً قبل رحيله… كنت من متابعيه الدائمين في (شرفات الكلام) وفي الصفحة الثقافية ل (النور) ولنشاطه الشيوعي والأدبي، ومن قراء قصصه الموزعة في مجاميع قصصية لا بد أن تقوم جهة ما بجمعها وإصدارها احتفاء به في أول مناسبة… وأنا أرشح (النور) بيته الدافئ لهذه المهمة…أو الصديق الأديب محمود الوهب ودار نون للنشر، إذ رافق الراحل في عمله في النور إضافة إلى رفقة الفكر والنضال.
تاج…لن أدخل في تفاصيل سيرتك التي كتب عنها الكثير من أصدقائك ومحبيك.. لكني سأتوقف عند نقطة مهمة لفتتني وأنا أقرؤك مرة أخرى…إبداعاً ومواقف… أن إبداع الأديب والمثقف لا ينفصل أبداً عن حياته…  إذ لا يعقل أن تمضي سنوات نشاطك الإبداعي وأنت تحلم وتدعو للثورة على الظلم محرّضاً ومنظّراً أحياناً، ثم حين تقع الواقعة تبدأ بالانسحاب إلى برجك العاجي، وحينذاك لن تعدم الأعذار والحجج فهي كثيرة ومتوفرة. 
إن ثورة أكتوبر الاشتراكية العظمى حين قامت لم تجد إلى جانبها سوى القليل من المبدعين، في حين أن الكثيرين منهم كانوا ينتقدون القيصرية بحدة أكثر من لينين والبلاشفة، ويحرضون على التغيير الذي أصبح ضرورة لا مناص منها.
 لكنها نرجسية المثقف، إذ يحين الوقت الحاسم فينأى بنفسه عن مغارم الثورة وينتظر مغانمها… ألم يكن هو من دعاتها يوما ما؟!
تاج.. .لقد كنت النموذج النادر المختلف الصادق في إبداعه وانحيازه إلى الناس المظلومين والمقهورين، والصادق في تجسيد ذلك الانحياز على أرض الواقع، حين بدأت الصرخات تشق الحناجر وتنهي زمن الصمت الطويل… فوقفتَ حيث ينبغي لمثلك أن يقف… ولم تلتفت إلى منفعة هنا وأذى قد يلحق بك هناك… فاخترت بوعي وإرادة المبدع الشيوعي الثوري مكانك بين صفوف من صدقوا ما وعدوا الشعب به، فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر… وما بدَّلوا تبديلاً.
في يوم ميلادك المتأخر لا أملك سوى كلماتي القليلة… القليلة جداً هذه… وأرمي على ذكراك وروداً بلون الدم السوري الذي ما زال يراق على أرض الحضارة.
وحين تخرج البلاد أجمل وأقرب إلى ما حلمت به.. ذات حرية.. سأزور قبرك…وأخبرك بما جرى، وإن كنت أعلم أن الكثيرين من محبيك وأصدقائك ربما يسبقونني.. لكني.. أعدك.. وليكن وعدي هذا هدية يوم ميلادك.
 

العدد 1104 - 24/4/2024