تعددت الفضائح.. والصمت واحد

 يُعتبر الاتجار بالنساء عبر الاغتصاب والدعارة سواء اختيارية أو قسرية إحدى أهم شرائع الحروب على مرّ التاريخ، ذلك أن المرأة بنظر الجميع كائن ضعيف مهمّش ولا قيمة إنسانية له زمن السلم، فكيف في زمن الحرب..؟ كما تُعتبر سلاحاً ووسيلة مُثلى لقهر الخصم وتعريته من قيم الشرف المُلقى أبداً على أكتاف النساء في مجتمعات متخلّفة متهالكة.

غير أن ما تعرّضت له السوريات سواء في الداخل أو الخارج، فاق كل التصورات والتخيّلات في زمن تكالبت فيه كل وحوش الأرض على سورية وشعبها. فلقد راجت تجارة الرقيق منذ اللحظات الأولى لنشوب تلك الحرب المجنونة والعبثية، وتوالت الفضائح الدولية عن تلك التجارة عبر شبكات منظمة بدءاً من الكشف عن وجود شبكة جزائرية دولية عام 2013 مروراً بكل ما حفلت به طوال سنوات الحرب مخيّمات اللجوء والنزوح في دول الجوار من فضائح وجرائم تُرتكب بحق السوريات تحت تسميات مختلفة كزواج السترة وسواه لغايات وأهداف قذرة أقلّها المتعة الجنسية لا أكثر على حساب إنسانية الفتيات السوريات، كما نشطت تجارة الزواج عن طريق سماسرة امتهنوا تلك التجارة بحكم انخفاض تكاليف الزواج من سوريات قياساً لمواطنات بلد اللجوء. يُضاف إلى كل هذا ما شرّعته وزارة الداخلية السعودية بالقرار رقم 2538 لعام 2014 الذي سمحت بموجبه لدار أيتام لبنانية بتزويج القاصرات السوريات ممن فقدن ذويهنّ في المعارك في سورية، في سابقة شرعية خطيرة.

وهكذا حتى وصلنا اليوم إلى فضيحة هزّت الرأي العام اللبناني والعالم خلال نيسان المنصرم، حين ضبطت شبكة دعارة قسرية في فندقين مشهورين بلبنان. وبالطبع، فإن كل هذه الجرائم حدثت وتحدث على مسمع ومرأى العالم بأسره، في صمت مطبق كصمت القبور، ودون أيّ إجراء قضائي تقتضيه وتُقرّه مجمل الاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان، لاسيما اتفاقيات جنيف الخاصة بحماية النساء زمن الحروب. فإلى متى ستستمر تلك الفظائع والصمت سيّد الشرائع..؟

العدد 1105 - 01/5/2024