آن للنساء أن يحتفلن بالأول من أيار
يأتي الأول من أيار هذا العام في ظل تحديات عديدة في مناحي الحياة كافة ، لاسيما أن الحرب الدائرة أكلت الأخضر واليابس من البنى التحتية التي تعد اللبنة الأولى في عملية البناء والتطور الذي تنشده أيما دولة في العالم. وبحكم ما يحدث، باتت اليد العاملة في غالبية الأحيان مقتصرة على المرأة نظراً لقلة عدد الشباب سواء المهاجر أو المفقود أو العسكري أو الشهيد، فكثيراً ما نلتفت لنرى إعلاناً مطلوب فيه عاملون أو موظفون تكون غالبية المتقدمات من النساء والفتيات، وهذا برأيي سيساهم بالضرورة بتغيير وجهة النظر السائدة التي تستخف بعمل المرأة، بالرغم من أهميته وضرورته، إن على الصعيد المادي فهو يعتبر عاملاً اقتصادياً أساسياً لتلبية احتياجات المنزل والأسرة، أو على الصعيد النفسي للمرأة ذاتها فهو تعبير عن بعضٍ من استقلاليتها وإثبات شخصيتها وطرح لإمكاناتها الذهنية والعلمية كما الرجل تماماً،
على الرغم من وجود الكثير من التمييز في العمل بين الجنسين، وتحديداً في القطاع الخاص، فالمرأة لا يحق لها في معظم مؤسساته الاستفادة من إجازة الأمومة مثلاً، وهي تعتبر السبب الرئيس في الفصل من العمل، مما يدفع بالضرورة لاختيار العمال من الذكور حصراً، أما في القطاع العام فإن الأمر مختلف، حيث يجري التعامل مع المرأة والرجل على حد سواء، في موضوع الإجازات أو الترقية المهنية أو الأجور، لكن تبقى هناك بعض المناصب والوظائف مقتصرةً على الرجال فقط من منطلق أن المرأة تضطر للتغيب عن عملها بحكم أمومتها ورعاية أطفالها…
يضاف إلى ذلك ظاهرة بتنا نلحظها مؤخراً، وهي التحيز الديني أو المذهبي، والمقصود به أن معيار اختيار العامل أو العاملة هو المعيار الديني، إن كان/ت المتقدم/ة من أبناء طائفة رب العمل يلقى الترحيب مباشرةً حتى ولو لم يمتلك من المؤهلات ما يكفي، والعكس قائمٌ فإن الاختيار بطبيعة الحال لن يقع عليه/ا مهما كانت المؤهلات والإمكانيات…وهذا ما يجعل العديد من الشبان والشابات، الرجال والنساء، عاجزين عن إيجاد فرصة عمل تقيهم الحاجة والسؤال، في ظل واقع اقتصادي مرعب وغلاء معيشي رهيب…
على هذا، وبعد كل ما مرّ على البلاد في السنوات الأخيرة، أما آن لنا أن نُغيّر النظرة السائدة إلى عمل المرأة وإلى المرأة العاملة بحد ذاتها؟…فقد أثبتت الظروف الراهنة قدرتها على تحمّل المسؤوليات والأعباء المنوطة بها في ظل غياب الرجل، وأن عملها ليس من باب التباهي والتفاخر ولا هو مضيعة للوقت أو فرصة لإيجاد العريس، بل أثبتت أن عملها هو الداعم الأساس للقيام بالمسؤوليات وبأعباء البيت بكل متطلباته…؟
أما آن لنا نحن النساء أن نحتفل بالأول من أيار، وقد اعتُبر عملنا جوهرياً وأساسياً وضرورة لازمة؟… وأن يُحتفى بنا على أننا شريك رئيس في بناء المجتمع وتمكينه وتحصينه؟…