حق أم ضرورة اقتصادية؟

لا يمكن لأحد أن يُشكك في دور المرأة في نهضة المجتمع وتطوره وازدهاره، خصوصاً إن كانت تدرك ماهية دورها والتزمت حقوقها وواجباتها ولم تُقصّر بها، فالمرأة نصف المجتمع إن لم تكن كلّ المجتمع.

وهي شريكة الرجل في هذه الحياة، على الرغم من اختلاف المهام الموكلة إلى كلٍّ منهما، ولا بدّ من الاستفادة من طاقاتها ومعارفها وعلمها بما يعود بالنفع على أسرتها أولاً، وعلى المجتمع ككل ثانياً، مع الحفاظ على كرامتها وإيلائها أهمية خاصة لأنها أنثى، دون الأخذ بالنظريات والثقافات التي تنادي بتشييء المرأة وجعلها كسلعة.

ومع التطور العلمي والثقافي والاجتماعي والفكري الذي ساد حياتنا اليومية، تزايدت حاجة المرأة إلى العمل، لأنه من غير المجدي في هذا الوقت أن تنتظر من يُعطيها مالاً وإن كان أقرب الناس إليها، إضافة إلى ذلك، فإن سوء الأوضاع الاقتصادية الذي تُعاني منه معظم العائلات، دفعها إلى البحث عن عمل يوفر حياة هانئة وسعيدة لأبنائها وأسرتها.

فالمرأة لم تخلق فقط من أجل أن تُنجب وتربي وتطهو وتنظف كما يعتقد البعض، على الرغم من أهمية هذا الدور وخطورته، باعتباره الوظيفة الفطرية التي جُبلت عليها جميع الإناث. وتتزايد حاجة المرأة إلى عمل عندما تكون قد نالت حظاً وافراً من التعليم والدراسة، فالعمل سيُتيح لها توظيف خبرتها ومهاراتها التي نالتها أثناء الدراسة في حياتها العملية، وستُدرك بذلك أن تعبها وسهرها وأحلامها لم تذهب هباءً وإنما نفعت الآخرين به.

ومما لاشك فيه أنه على الرغم من محاولات المرأة لتتحرر ،اقتصادياً، فإنها عانت منذ القدم من الكثير من القيود والاضطهادات التي تُعيق ذلك، وخاصة من الرجل الذي يعاملها على أنها أقلُّ منه شأناً وأهمية، مع أن كل الرسالات السماوية كرّمت المرأة وأعلت من شأنها، وأمرت بمعاملتها بإحسان، وأعطتها امتيازات خاصة أماً وابنة وزوجة، ولم تفرق بينها وبين الرجل بالتكليف والحساب. إلاّ أن المجتمعات بشكل عام مازالت عاجزة عن سن القوانين التي تُعطي المرأة حقوقها خاصة إن كانت من الحقوق الفطرية التي أنعم الخالق عليها بها كحقها في الأمومة والحضانة وحقها في الميراث.

فيجب أن نعي بأن حقوق المرأة وواجباتها تتكامل مع حقوق الرجل وواجباته. ولنعلم أنه لا يمكن لأم مُضطهدة مقيّدة مسلوبة الحقوق، أن تنشئ أبناء قادرين على تحمل المسؤولية والدفاع عن وطنهم والعمل على ازدهاره ورقيّه.

العدد 1105 - 01/5/2024