تقرير المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوري الموحد: مواجهة الغزو الإرهابي التكفيري

تعزيز صمود السوريين وإنجاح المساعي السلمية  تكثيف التدخل الحكومي لحل معاناة الجماهير الشعبية

قدم الرفيق حنين نمر، الأمين العام للحزب الشيوعي السوري الموحد، تقرير المكتب السياسي، حول الأوضاع والمستجدات السياسية والاقتصادية والاجتماعية في الاجتماع الموسع للجنة المركزية للحزب، وهذا نصه:

أيها الرفاق والرفيقات الأعزاء..

نبدأ تقريرنا بتوجيه تحية إلى أرواح الشهداء الذين قضوا دفاعاً عن أرض سورية ووحدتها وترابها الغالي، وإلى كل شريف يدافع عن أرض وطنه، وإلى الجيش العربي السوري الباسل، وإلى كل من يحارب الإرهاب والفكر التكفيري، بالقلم، وبالفكر، وبالموقف السياسي، وإلى كل من يناضل من أجل ألا تتقسم سورية، وألا تكون مهداً للفكر الظلامي بعد أن كانت مهداً للحضارات.

تحية إليكم أيها الرفاق الحاضرون الذين تجاوزتم الصعوبات في سبيل المشاركة في اجتماع لجنتكم المركزية اليوم، فهذا الحضور يعبر عن تمسّككم بسيادة الوطن ووحدته، وبالمبادئ الأصيلة والأهداف التي عاش حزبكم تسعين عاماً وهو يناضل من أجلها. كما نوجه التحية أيضاَ إلى الرفاق الذين لم تمكّنهم الظروف الصعبة من حضور هذا الاجتماع، والذين أبدوا أعذاراً مشروعة للغياب.

الأخطار تتفاقم

إن كل المؤشرات تدل على أن وطننا في خطر شديد، وأن الحرب الطاحنة التي يشنها عليه الحلف الاستعماري الرجعي والإرهابي الممتد من الداخل إلى أقصى مكان من الكرة الأرضية، مروراً ببعض الدول الإقليمية ومراكز الرأسمال العالمي الاحتكاري، هذا الحلف مازال ينشب أظافره وينهش في الجسد السوري ويهيئ للمزيد من الفتك به، وربما يسعى إلى تقسيمه كيانات صغيرة متقاتلة، أو استنزافه إلى الحد الأقصى. وتأتي هذه المحاولات في سياق حروب مماثلة تشنّ على أراضي العراق وليبيا واليمن، في إطار المخطط الأمريكي الصهيوني الإرهابي.

لقد اتضح اليوم أكثر فأكثر أن هذا الهجوم الساحق على سورية، ثم على ليبيا والعراق فاليمن، والتآمر المستمر من قبل جماعة 14 آذار في لبنان، ونشاط الإخوان المسلمين التخريبي في مصر، لم يكن سوى حلقة من حلقات المخطط الإمبريالي العالمي للاستمرار في هيمنته على المنطقة العربية الغنية بالنفط والغاز والتي تحتل موقعاً استراتيجياً هاماً، والسعي لتكريس الولايات المتحدة قطباً أوحد في العالم، وللحيلولة دون تكوّن عالم جديد متوازن ومتعدد الأقطاب.

لقد تضاءل كثيراً عدد الذين خُدعوا بالطروحات العملية والمشبوهة المرتبطة بأجهزة الاستخبارات العالمية وبأكثر خبراء الحروب النفسية والإعلامية مهارة، والتي حاولت أن تصور هذه الحروب المتعددة الأشكال على أنها انتفاضات شعبية تستهدف تحقيق الديمقراطية والعدالة للشعوب العربية، وتفلسف البعض ونظّر كثيراً كي يخفي الطابع الحقيقي لهذه الحروب، ألا وهو الصراع بين النفوذ الاستعماري الغربي والصهيوني والرجعي من ناحية، وطموح شعوب المنطقة نحو التحرر وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية العادلة والديمقراطية من ناحية أخرى، وكان من أخطر الوسائل التي ابتدعها منظرو هذا الحلف هو تزوير الحقائق وتصوير الأمر على أنه صراع مذهبي طائفي بين السنّة والشيعة تارة، والمسيحيين والمسلمين تارة أخرى، وبين القوميات المتآخية وخاصة بين القوميتين العربية والكردية وغيرهما من الآشوريين والإيزيديين.

لقد أسهمت الولايات المتحدة إسهاماً فعالاً في استغلال الإسلام السياسي استغلالاً بشعاً، وفي إنشاء منظمات إرهابية تعتمد على تزوير الإسلام، كما ظهر في أفغانستان، والترويج لما يسمى دولة الخلافة في العالم، وعلى هذا الأساس جنّدت المنظمات الدينية المتطرفة التي ضمت عشرات الألوف ممن أُعميت أبصارهم، وغُسلت عقولهم، وتحولوا بأموال النفط ومساعدة جيوش الغرب وتدريبها إلى فصائل إرهابية مسلحة تزرع الخراب والموت وقطع الرؤوس أينما حلت.

إن الخلط المتعمد بين حاجة الشعوب إلى الحرية والديمقراطية، واستغلال هذه الحاجة لإخفاء الطبيعة الحقيقية للصراع، هو ما جرى في الواقع، فقد استغل الحلف الإمبريالي حاجة الشعوب إلى الحرية والديمقراطية ومكافحة الفساد والبطالة والاستئثار بالحكم، من أجل إشعال الفتن الطائفية وتقسيم الأوطان، ودفعت الشعوب العربية أثماناً باهظة من دماء أبنائها لكي تنكشف أمامها حقيقة الصراع الذي باتت معالمه أكثر وضوحاً من أي وقت مضى، وانهارت المزاعم التي حاولت تفسير حركات التمرد المسلحة في سورية على أنها ثورة شعبية. فقد اتضح أنها أداة أنشأتها أمريكا لتمزيق المنطقة على أسس طائفية ومذهبية، ولما كبرت وتوسعت وخرجت عن الحدود المرسومة لها، وأخذت تُعكّر صفو الأمن في بلاد الغرب، اضطر ربابنتها إلى العمل للحد من خطرها حيثما يلزم، واستمرار تشجعيها حيثما يلزم أيضاً.

كما اتضح من خلال نموذج الحكم الذي أقامته حيث تسيطر، أنها تهدف إلى إقامة حكم يتعارض كلياً وجذرياً مع أبسط مظاهر الحياة المعاصرة، وينتمي إلى أكثر من150 عاماً سبقت وليس له أي علاقة بالتحرر والتقدم والعدالة وروح العصر، ويعتمد هذا الحكم على أساليب إجرامية ووحشية، أسماها دعاتها الداعشيون (فلسفة التوحش)، فأي من مواصفات الثورة الشعبية تتوفر بهؤلاء؟!

جيشنا يخوض معارك ضارية

منذ أكثر من أربع سنوات يخوض الجيش السوري معارك قاسية ضد نوع جديد من الأعداء، تشكل نوعاً جديداً من الحروب، وقد قلنا منذ البداية إنه يستحيل تحقيق حسم عسكري ناجز في هذا النوع من الحروب في زمن قصير، ولكن يمكن استلام زمام المبادرة والسيطرة على جو المعركة، وقد تراوحت موازين القوى خلال المرحلة  الماضية، بين أخذ ورد، وبين كرّ وفر. لقد تحقق للجيش السوري نجاحات كبيرة في عدد هام من المواقع والمحافظات، وسجل تقدماً ملحوظاً لدرجة رجحان ميزان القوى لصالحه، إلا أن الاستيلاء على إدلب وجسر الشغور وبصرى الشام، أحدث تغييراً في اللوحة العامة للموقف نتوقع أن يكون مؤقتاً، خاصة أن الجيش يخوض الآن معارك لاستعادة هاتين المدينتين، إضافة إلى معارك القلمون والغوطة الشرقية وريف حلب وغيرها.

وما يمكن ملاحظته من جميع هذه المعارك تقريباً، أن عنصر الكثافة البشرية الذي تمتاز به المجموعات الإرهابية المسلحة يلعب دوراً مهماً في تسطير نتائج هذه المعارك، وهو العنصر الذي يعني بالدرجة الأولى فعالية التدخل التركي الذي يزداد وضوحاً وعلانية، والمتمثل بدخول جنود أتراك إلى الأراضي السورية، وتسهيل تسرّب مئات، بل ألوف، المرتزقة الوافدين من مختلف أصقاع الأرض بعد أن يتم تدريبهم وتسليحهم بأحدث الأسلحة.

لقد لوحظ أيضاً أن مستوى التعبئة الشعبية الداعمة للقوات النظامية كان دون المستوى المطلوب في عدد من المواقع، وأساس ذلك هو الفساد المستشري والأخطاء العديدة في ممارسات الأجهزة الرسمية وعدم تجاوبها مع مطالب الجماهير. وتتعقد الأزمة السورية لارتباطها مع التعقيدات المتزايدة في الأوضاع الإقليمية والدولية، وتكاد تكون جزءاً منها، وتتبدّى مظاهر هذه التعقيدات في الأمور التالية:

اليمن.. أزمة إنسانية بسبب العدوان

تبرز إلى السطح الأزمة الإنسانية في اليمن بسبب الحرب العدوانية التي تشنها السعودية عليه، والتي لم تتحقق أغراضها العسكرية والسياسية، بل بالعكس، انقلبت عليها، وها هي ذي اللجان الشعبية والجيش اليمني يسيطرون على معظم أراضي اليمن، وتتقهقر القوى الموالية للرئيس المعزول هادي، ولم تنجح الغارات الجوية السعودية رغم كثافتها في إضعاف حركة أنصار الله والجيش اليمني، ولم تحقق إلا تدمير البنى التحتية والمستشفيات وقتل المدنيين العزّل. إن الحصار الجوي والبري والبحري المفروض على اليمن من قبل السعودية ومن ورائها أمريكا يمكن أن يتسبب في كارثة إنسانية، بسبب  الجوع والعطش ونقص الأدوية، وتوقف المشافي عن العمل وانتشار الأوبئة.. إن المغامرة العسكرية التي ورطت السعودية نفسها بها قد خلقت وضعاً جديداً في المنطقة قد يدفع القيادة السعودية الجديدة التي تتصف بالمغامرة ونقص الخبرة إلى تصدير أزمتها إلى سورية، ونقل ما يسمى (عاصفة الحزم) إليها، وهو ما يفسر لنا التقارب السعودي- التركي- القطري، والتعاون السعودي – الإسرائيلي الذي خرج إلى العلن.

أمريكا تعيد ترتيب البيت السعودي

وفي الداخل السعودي، حصل ما يشبه الانقلاب السياسي، فقد أزيح عدد من الأمراء من مناصبهم، وتولى دفة الحكم طاقم جديد يتصف بالتبعية الشديدة لأمريكا وبروح المغامرة التي يصفونها بأنها شابة. إن الإدارة الأمريكية التي أصبحت تتحكم بمفاصل الإدارة في  المملكة تسعى جاهدة إلى تجميل الوجه القبيح للنظام السعودي، وخوفاً عليه من الانهيار فقد حذرته من عواقب وضعه الداخلي المضطرب، وعلى ما يبدو فإنها لم تكن متحمسة لمغامرته العسكرية في اليمن.

إن متابعة التطورات في داخل السعودية أمر ضروري لأنها تتمتع بثقل كبير، ولأنها بصدد تكوين حلف جديد قوامه تركيا وقطر والأردن وإسرائيل والسعودية برعاية أمريكية، وهذا سيكون له أثر سلبي على سورية، إذ سيعزز عملية الضغط عليها من الشمال والجنوب معاً.

العراق.. خطر التقسيم

ويتعرض العراق الآن لضغوط شديدة، إذ تسعى الولايات المتحدة جاهدة لإعلان تقسيم العراق قانونياً بعد أن ساهمت في تقسيمه عملياً إثر احتلالها له، وتدعم السعودية المعارضين لنظام الحكم، وتستعجل بعض الفصائل الكردية عملية التقسيم تمهيداً للإعلان عن الدولة المستقلة لها.. إن حملة العراق النشطة ضد الإرهاب الداعشي قد حققت العديد من الإنجازات، ولكنها تباطأت في الآونة الأخيرة إثر الضغوط التي مورست على الجيش العراقي من قبل أمريكا وبعض القوى السياسية لإبعاده عن التعاون مع قوى الحشد الشعبي، وقد يؤدي ذلك إلى عرقلة تقدمه في الأنبار والموصل وسط فضيحة المساعدات التي كانت تلقى من الجو إلى داعش، مما يشير إلى الدور المزدوج الذي تمارسه أمريكا في حملة القضاء على داعش في العراق.

إسرائيل.. مشاركة علنية

أخذ البعد الإسرائيلي في الأزمة السورية، بل وفي أزمة المنطقة، يتضح أكثر فأكثر، فبعد أن كانت إسرائيل تلتزم الحياد والصمت إزاء الحرب الدائرة على سورية، كي لا تحرج أصدقائها والمقربين منها، أخذت مؤخراً وضعية جديدة بعد أن أصبحت تشارك في غرفة العمليات مع تركيا والأردن والسعودية التي توجه نشاط دول الحلف الخماسي (تركيا، السعودية، الأردن، أمريكا، قطر) خاصة تجاه توسيع دائرة المتدخلين المرتزقة من الجانب الأردني إلى سورية، ومشاركتهم في القتال ضد الجيش العربي السوري إلى جانب جبهة النصرة وأمثالها.

إن عمليات القصف الجوي ضد الجيش السوري الذي حيثما كان يتقدم لتحرير البلدات والقرى الجولانية، وإجراء اتصالات مباشرة وتبادل المعلومات ومداواة الإرهابيين الجرحى، كل ذلك ليس غريباً عن الطبيعة العدوانية لإسرائيل، ولكنها تعد دليلاً واضحاً على ارتباط الأزمة السورية بالصراع العربي- الإسرائيلي.

إيران.. نحو دور أكبر

الاتفاق النووي الإيراني (5+1) الذي وقعته إيران والدول المشاركة، بالأحرف الأولى، يعد نصراً للحكمة والتعقل في هذا الميدان، إذ إنه سيزيل المخاوف الغربية من القوى النووية الإيرانية، ويعطي الحق لإيران بمتابعة برنامجها النووي السلمي، والاستفادة من الطاقة الذرية للاستعمالات الإنسانية والاقتصادية، ويجعل من إيران دولة صناعية كبيرة وفي مصاف الدول الكبرى، ويرفع العقوبات المفروضة عليها. ولاتزال هناك إمكانية لعدم التوقيع النهائي عليه، بسبب معارضة عدد كبير من أعضاء الكونغرس الأمريكي له، وكذلك المملكة السعودية وإسرائيل. إن التوقيع النهائي للاتفاق- إن تحقق- سيساعد على زيادة إسهام إيران، العضو الأساسي في محور المقاومة، في  الجهود الرامية إلى إنجاح التسوية السياسية والحلول السلمية للأزمة السورية، وسيضعف دور كل من تركيا وإسرائيل والسعودية، وإن لم يتم التوقيع، فسوف تزداد التوترات في المنطقة.

جهود التسوية السلمية.. تتوالى

رغم كل العنف السائد في سورية وحولها، فإن المساعي لإيجاد حل سياسي للأزمة المحتدة فيه لم تهدأ.. فمن جنيف 1 وجنيف 2 إلى موسكو 1 وموسكو ،2 لكن التوصل إلى حلول سياسية مايزال يواجه صعوبات، وكان من أبرز العقبات عدم تخلي أمريكا بالدرجة الأولى وأتباعها وحلفائها تالياً عن محاولة فرض حلول سياسية لم ينجح الحل العسكري والعدوان المسلح في فرضها. وقد اضطرت أمريكا للظهور بمظهر الحريص على الحل السياسي نتيجة صمود سورية شعباً وجيشاً ومؤسسات في السنوات الماضية، وبفضل مساعدة أصدقائها الروس والإيرانيين.. وخشية أمريكا من توسع دائرة الحرب وانتقالها إلى باقي البلدان العربية وإشاعة الفوضى في المنطقة العربية بشكل قد لا تتمكن معه من ضبط إيقاع هذه الفوضى وتداعياتها، ولكن الإدارة الأمريكية أتقنت في السنتين الماضيتين لعبة القفز على الحبال، ولعبة تبديل الأقنعة والواجهات، فمن موقف ينتمي إلى ما يسمى الصقور في  البيت الأبيض الأمريكي، إلى موقف ينتمي إلى ما يسمى الحمائم فيه.. ومن التحريض على الحرب، إلى الحل السياسي وفق مفاهيمها، ولم يكن حال بعض أوساط المعارضة الخارجية غير ذلك، وهم الحريصون على ضبط إيقاع نشاطهم مع الإيقاع الأمريكي. أما المجموعات الإرهابية فهي لم تعترف بأحد.

إن التطورات الأخيرة تتمثل في اجتماعات موسكو 1 و،2 التي انبثق عنها إعلان مبادئ عامة للحل السياسي المنشود، وهيأت لعودة المباحثات بين الطرفين، أي الحكومة السورية وبعض قوى المعارضة السياسية.

إن دخول مبادرة ستيفان دي مستورا الأخيرة في جنيف على خط التسوية، يعد أمراً إيجابياً حتى الآن، رغم أن البعض يعدها بمثابة قطع الطريق على الجهود الروسية لحل  الأزمة، ومع ذلك فسوف تتضح المعلومات والتفاصيل عنها لاحقاً.. وفي جميع الأحوال فإن النجاح لن يحالف هذه المبادرة إذا لم يُستكمل تنفيذ المبادئ التي اتفق عليها في موسكو 2.

إن شعبنا السوري الذي صمد طوال السنوات الماضية، يؤيد بشعور عال من المسؤولية جهود التسوية السلمية الصادقة التي توقف نزف الدم السوري وتحافظ على سلامة الأرض السورية واستقلالها ووحدتها، وتعيد إلى البلاد الأمان والاستقرار، للانتقال إلى مرحلة إعادة البناء، وللسير في طريق التغيير الديمقراطي السلمي التقدمي.

 

أيها الرفاق..

على هذا الأساس كان حزبنا يقف ضد الإرهاب والإرهابيين مدافعاً عن الوطن من جهة، ومن أجل الحل السياسي من جهة أخرى، وهما أمران متكاملان ولا تناقض بينهما، وكان لنا موقف واضح ومعلن، إنه من دون إجراء إصلاحات سياسية عميقة، وكذلك في المسألتين الاقتصادية والاجتماعية، فإن الطريق إلى مكافحة الإرهاب والحل السياسي لن يكون معبداً، فالجماهير تريد توسيع قاعدة الحكم بإشراك أوسع القوى الوطنية السياسية والاجتماعية والثقافية المجمعة على رفض التدخل الأجنبي والدفاع عن الوطن والانتقال السلمي إلى مجتمع تعددي لا ميزة فيه لأحد إلا على أساس ما يقدمه لحماية البلاد وتطويرها.. ووفقاً لدستور البلاد ولا شيء سواه هو الحكم بين المواطنين والسلطة في دولة مواطنة حقيقية. كما يريد الناس إرادة سياسية حازمة في مكافحة الفساد وضربات جدية له، وإزاحة كابوس الغلاء وضبط انفلات السوق من عقاله، والحد من  سيطرة تجارة الأزمات والحروب على مفاصله الرئيسية، كما أن جماهير الشعب تعبر عن استيائها بسبب بعض الممارسات والتوقيف الكيفي دون مبررات قانونية، وتطالب بسرعة الإفراج عن كل موقوف أوقف بسبب تقارير كيدية أو إبداء رأي ما.

لقد فاتنا بسبب الحرب الظالمة العدوانية على سورية عقود من التنمية والتطور، فإذا لم نسر في طريق الإصلاح المبني على حب سورية والدفاع عنها وعلى المساواة بين المواطنين، فإن الخلاص من الأزمة الحادة ومن تداعياتها وآثارها، لن يكون سهلاً.

إن هذا الشعب العظيم الذي تحمّل من الأعباء والآلام ما تنوء به الجبال، وقدم الألوف من أبنائه البررة شهداء لقضية الحرية وشرف الوطن، وهو اليوم يلمس جسامة المؤامرات والضغوط المتواصلة عليه، والاستعدادات الجارية لغزوة إجرامية جديدة.. إن جماهير الشعب السوري بجميع مكوناته السياسية والاجتماعية، التي وقفت في مواجهة الإرهاب التكفيري، ماتزال تمسك بالزناد دفاعاً عن سورية الدولة، والأرض، والهوية، خاصة بعد التهديد التركي – السعودي بغزو سورية.

ونحن في الحزب الشيوعي السوري الموحد، كنا ومازلنا، على استعداد لبذل دمائنا دفاعاً عن استقلال الوطن ووحدة أراضيه، ومواجهة التحالف المعادي لسورية، ومن أجل مستقبل سورية الديمقراطي.. العلماني المعادي للإمبريالية الأمريكية والصهيونية.

 

المهام والتوصيات

1- الدفاع عن الوطن هو الواجب الأول، والمهمة الأساسية بالنسبة لنا نحن الشيوعيين السوريين، وينبغي رفع مستوى التأهب والتعبئة الشعبية واتخاذ الاستعدادات الضرورية لمواجهة أي عدوان محتمل.

2- إشاعة روح التسامح والوحدة الوطنية بين فئات الشعب السوري، ودحض الشائعات المغرضة والحرب النفسية والإعلامية الرامية إلى تأجيج مشاعر الطائفية والمذهبية، وتمزيق النسيج الوطني السوري المتآلف.

3- كما أكدنا منذ بداية التدخل الخارجي، إن شعبنا يواصل صموده في وجه العدوان الخارجي والغزو الإرهابي من جهة، ويتطلع إلى بذل الجهود لإنجاح المساعي السلمية لحل  الأزمة السورية من جهة ثانية، وعقد مؤتمر الحوار الوطني الشامل الذي يضم جميع القوى السياسية الوطنية ومكونات شعبنا المختلفة التي وقفت ضد العدوان على سورية، وصمدت في وجه الإرهاب التكفيري.

4- العمل على تنسيق جهود الأحزاب والمنظمات الشيوعية واليسارية في سورية، وتعاونها في هذه المرحلة الاستثنائية، وصولاً إلى وضع برنامج موحد لليسار.

5- الاستمرار في الحملات والنشاطات المختلفة لمواجهة الفكر الظلامي التكفيري، وتعزيز الأفكار العلمانية والتقدمية وتوسيع نشرها في أوساط الجماهير الشعبية.

6- تعزيز التحالف السوري – الروسي- الإيراني- المقاومة، وتوسيع العلاقة مع فنزويلا وكوبا ودول منظمة (بريكس).

7- ضمان الحريات الديمقراطية، وحرية الصحافة، وفقاً للدستور.

8- إطلاق سراح معتقلي الرأي، ووقف  الاعتقال الكيفي.

إن النجاح في مواجهة الغزو  الإرهابي وفكره الظلامي الإقصائي يتطلب أيضاً حزمة من الإجراءات على الصعيدين الاقتصادي والاجتماعي، يأتي في مقدمتها:

1- القطع مع السياسات الاقتصادية النيوليبرالية.

2- النضال من أجل أن تتولى الدولة ومؤسسات القطاع العام الحلقات الأساسية في تجارة الجملة، ودعم الصناعة الوطنية والحرفيين.

3- التدخل الحكومي الفاعل لضرب المحتكرين، ورفع كابوس الغلاء عن كاهل الجماهير الشعبية، ووضع حد لمن يتلاعب بقوت الشعب، وتعديل القوانين التي تعيق تدخل الحكومة في صلب العملية الاقتصادية.

4- بذل الجهود لدعم القطاعات المنتجة كالصناعة والزراعة، والحرف، والمشاغل الصغيرة، وتأمين مستلزمات إنتاجها، فهي القاعدة الاقتصادية التي تضمن استقرار النقد، وتلجم المضاربين والسماسرة الذين تحكّموا بأسعار القطع الأجنبي عبر الأسواق السوداء.

5- مكافحة الظواهر الخطيرة.. المؤلمة، التي واجهت المواطنين السوريين في سنوات الأزمة كالخطف والابتزاز وطلب الخوّات والسرقة.

6- تكثيف الجهود الحكومية والشعبية لمساعدة المهجرين قسراً من مناطقهم وبيوتهم، وتعزيز تدخل المنظمات الإنسانية لإيصال المساعدات الغذائية والطبية والتعليمية.

7- تقديم التسهيلات الضرورية للمزارعين، مزارعي القمح والشعير خصوصاً، لتسليم محاصيلهم إلى مراكز الدولة.

8- متابعة الجهود لتعديل القوانين بما يضمن حق الأم السورية منح الجنسية لأولادها، ومنع استغلال البعض للظروف الصعبة من أجل المتاجرة بالفتيات السورية القاصرات في الداخل والخارج.

* وقد ناقشت اللجنة المركزية التقرير، وأقرت نشره بعد إدخال الملاحظات والتعديلات الضرورية.

العدد 1105 - 01/5/2024