رأي حول سورية القادمة… وعناوين في الاشتغال الوطنيّ

الرّؤية السّورية المقصودة القادمة ليست عنواناً  (فلسفياً أو رومانسياً)، بل هي عناوين تطبيقية تنتمي إلى الوطن، والجديد، والبنائي، ورؤياه، واستشرافاته المستقبلية، ومقدماته التي يتفق عليها (المكون السوري) بكلّ أطيافه خياراً، وخلاصاً وطنياً. أمّا تفصيلات المحاور فهي قضايا تقنية تشتغل عليها  (فرق عمل، وورشات) مختصة كلّ في مجاله لبلورة مساراتها، ومددها الزّمنية، وأدواتها، وحاجاتها.

في مرتكزات (المشروع الوطني) القادم، والرّؤية السّوريّة، والبعد الوطني فيها يؤكد مايلي: وحدة التّراب السّوري، ووحدة الكيان كثابت وطنيّ في وجه التّجزئة، ومشاريع تقسيم المنطقة، وتجزئة المجزأ فيها.. ثمّ توفير أسباب ذلك، وأدواته، وكيف يكون؟ هذا المحور يشمل (الأمن الوطني)، ووسائل حمايته، وبعضه عسكريّ دفاعيّ، وغذائيّ اقتصاديّ، وبشريّ، بمعنى (الحفاظ على وحدة المكون).. الوحدة الفكريّة، والثّقافيّة، ووحدة التّنوع، والتّعايش، والتّعدد الذي يوحّد في خطابه الرّوحيّ، والمجتمعيّ، والأدبيّ، والإبداعي: في الأغنية، والنشيد، والتّاريخ، والأبطال، والنّماذج إلخ، وحضور ذلك، وبرامج ذلك.

في الرؤية  السياسية هناك (الخيار الديمقراطي) التعددي. الحضاري الحواري، والعقليّ المنفتح، والمحاور، وبالتالي منتجه التنظيميّ: أحزاب، وتيارات، ومنابر، وقوى، وفعاليات، ومجتمع أهلي مساهم.. إلخ.

 في الرّؤية الاقتصادية: هناك (التّنمية المستقلة).. في وجه النمو المشوه، والتبعية ثم توازن التّنمية، وعدالة توزيعها حسب الأوليات، والحاجات. وفي أيّ تنمية يكون الميل لصالح (الغالب الاجتماعي) (التشكيلة الطّبقية الوطنية)، فإذا كان 85% من سكان سورية هم من العمال، والفلاحين، وصغار الكسبة، والحرفيين، والموظفين، وغيرهم، وكلّهم من ذوي الدّخل المحدود معنى ذلك أنّ الرؤية الاقتصاديّة يجب أن تميل  لصالح غالب الشّعب. يقال في بعض الدّراسات إن 24% بالمئة من مجمل الدّخل الوطنيّ في  مصر في الفترة الماضية كان بيد (ألفي شخص): مستثمر، وتاجر، ومقاول، ومستورد، ومالك، وغير ذلك.. وتقول بعض الدّراسات إنّ من استفاد من (الانفتاح الليبرالي الاقتصادي) في سورية في السّنوات الماضية هم نحو مئتي تاجر، وهكذا ازدادت البطالة، والتّهميش، واتسعت المسافات الطّبقية، وبنيت القصور، وقوي المالكون على الدّولة، وهمش قطاعها العام: الشركات الإنشائية الكبرى في: البناء، والجسور، والسّدود، والطّرق، والصّناعات الكيمائيّة، والمعدنيّة، والنّسيجيّة، وأصبحت عبئاً على الدّولة بدل أن تصلح، وترشّد ويعالج نقصها ويفعّل أداؤها.

من عناصر الرّؤية الوطنيّة القادمة الاهتمام بجيل الشّباب في المدارس، والجامعات، والأرياف: ثقافة، وعقلنة، وعلماً، وتنويراً لأنّ قسماً كبيراً منه اختطف، (باتجاهات سلفية) ماضوية، ذهبت به إلى ثقافة العنف، والتّمرد، وبالتالي العودة إلى بيئات الأرياف، وتنويرها، وحلّ مشاكلها بعمل وطني له أولياته.

في الرّؤية الوطنيّة القادمة: يشتغل على الأصيل والجوهريّ لإحداث (التحول العميق) والواسع  في أحوال المجتمع، وبناه الفكريّة، والرّوحيّة باتجاه (الوعي الجديد)، والخروج من حالة (غياب الوعي). وأفترض في النّوع الجديد من العيش، والحياة أن ينعم ببركات الوطن غالب الشعب باتجاه التّقدم، والحضارة، والحريّة، والصّحة، وغيرها، ومستلزمات ذلك.

– في الرؤية السّورية القادمة: يعزّز ما نسميه (دولة المؤسسات)، والمؤسسات هي:

– الفكر المؤسسيّ، والمؤسساتية هي: الصّدق، والإخلاص، وتغليب المصلحة العامّة، (وعقلية الدّولة على عقلية الزّعامة، وامتلاك الفكر الديمقراطيّ يعّزز المؤسساتي).

– المفهوم المؤسساتي، وبرامجه هي برامج (حداثية، وتحديثية) لها قواعد، وضوابط، ونظام وإدارة، ولغة إحصاء، وأرقام.

– في دولة المواطنة  القادمة: يسود الالتزام، وتنتصر العدالة، وتحضر المساءلة للمقصر والمسيء.

– في سورية القادمة: يقدّم الكبار، والمؤهلون وتحصّن السّاحات الوطنية من الانتهازيين، والنّفعيين، والمتسلقين، وكم هي كثرتهم، وحان وقت التخلص منهم.

– في سورية القادمة: يعزز الفكري، والثقافي، والبرامجي، والخططي، والتقويمي، ووسائل ذلك، وأدواته.

– في سورية القادمة: يعاد بناء الاجتماعيّ، ولحمته الوطنيّة، وتنقية الذاكرة، ويستحضر التّسامح، والغفرانية، وإنبات الثقة بين مكونات المجتمع السّوري في المحبة، والتّواضع، والتواصل، وكل أشكال الاستحضار القيمي.

في سورية القادمة: يشتغل على تطوير الخطاب الرّوحيّ باتجاه العقلانيّة، والتّاريخية، والتّعليلية، والتّنوير الإسلاميّ.

– في سورية القادمة: يعزّز النقد، وتتسع مساحات التّعبير كما هي اليوم، وتحصّن الكلمة المسؤولة، ويسمع لها .. كما يشتغل على الأرياف وتنويرها، وقد اختطف كثيرها باتجاهات أخرى.

سورية القادمة عمل بنائيّ وتربويّ، وشبابيّ، وتمثليّ وقيميّ يبدؤه الأعلى في المسؤولية قدوة، وتدرجاً في المستويات الشّعبية، ودورها.

هذه بعض عناوين (الرؤية السورية الوطنية) وبعض عناوين موضوعاتها حسب اعتقادنا..

العدد 1105 - 01/5/2024