ليس الدفاع عن المرأة «موضة..!»

ناضلت المرأة في العقود الماضية وقدَّمت تضحيات كبيرة، وأصبحت رائدة في مجالات عدة وارتقت أعلى الدرجات في السّلّم الاجتماعي والثقافي والسياسي. ورغم هذه المسيرة النضالية في المنطقة بشكل عام وفي سورية خاصة، إلاَّ أن الجهل والتسلّط لا يزالان ينجبان القوانين والقرارات السوداء في الدول العربية، التي تحكمها الأنظمة المرتكزة على قواعد مغايرة للتطور ولهذا العصر!

لقد حفظ الكبار والصغار مقولة (المرأة نصف المجتمع). وهناك من يرى أن المرأة تشكل 70 في المئة من المجتمع، وذلك لأسباب عدة، منها: أولاً- يضاف إلى يوم عمل المرأة، ساعات عمل أخرى  في المنزل. ثانياً- الإنجاب وتربية الأطفال.. وغير ذلك من الأسباب. ويوازي هذه المقولة مثال يتكرر أيضاً، ويتصور من يردده صباح مساء أنه ينصف المرأة. والمثل هو أن (الرجل جنّى والمرأة بَنّا). أما الآن فالاثنان يعملان ويبنيان بيت السعادة والمستقبل. وأمام هذه الصور واللوحات المتقاربة والمتباعدة في شكلها ومضمونها، لا تزال (سياسة إذلال المرأة) تدوّن على جدران معابد الرجال. ومن يراقب الفتاوى الصادرة من هذه الجهة العربية أو تلك، يرى أن خلايا تفكير هؤلاء لا تزال تتغذى على نباتات خمسة عشر قرناً ماضياً.. وتُروى من مياه تختلف عن مياه هذا العصر.

والسؤال: كيف يحرّم على المرأة تشغيل مكيفات الهواء بغياب الزوج؟ ويرى هذا الداعية (حامي المرأة وسندها) أن المكيّف قد يؤدي إلى انتشار الفاحشة في المجتمع. لأن ذلك يعطي إشارة للجيران بوجودها في المنزل، وقد يقع في الزنى أو ما شابه ذلك! ولا يختلف هذا عمّا قيل قبل سنوات (يحرّم على المرأة أن تجلس أو تنام بجانب الجدار، لأن الجدار ذكر..!)

اللوحة التشكيلية الثانية أكثر عتمة وقتامة وإثارة للجدل. يزعم أحد أصحاب الفتاوى الذي نشر فُتياه على موقع يوتيوب، بأنَّ (اغتصاب النساء من غير السنيات أمر مصرَّح به).

واللوحة الثالثة التي أصبحت معروفة للملايين، هي (عدم السماح للمرأة في السعودية بقيادة السيارة). وتدخلت منظمات عالمية بطلب السماح لها بالقيادة، لكنها فشلت. وعندما أجرت إحدى الصحفيات حواراً مع أحد الأمراء السعوديين، وطلبت منه موقفاً. أجاب قائلاً: معك حق..! وأضاف: في الزيارة القادمة أحضري معك رخصة قيادة دولية!

هناك مسائل شائكة وجارحة، كالسكين تطعن المرأة في فؤادها.. وعدا أشكال الزواج  والتعليم المختلط، وجزئيات أصبحت من منسيات الشعوب، نسمع بين فترة وأخرى عن فُتيا تحرّم استخدام الباروكة، لأنها حسب المحللين الاستراتيجيين للمحرمات، تظهر رأس المرأة على وجه أطول من حقيقته. ويسمح للمرأة القرعاء، التي ليس على رأسها شعر استعمال الباروكة.

ورحم الله فالنتاين الذي تصدّى للإمبراطور الروماني (كلايدس الثاني)، عندما أصدر أمراً ملكياً يحرم زواج الجنود، بذريعة أن الزواج يربطهم بعائلاتهم، فيشغلهم عن خوض الحروب. وكان يقوم بإبرام عقود الزواج سراً.. وحينما افتضح أمره حكم عليه بالإعدام. وفي سجنه وقع في حب ابنة السجَّان. ونفذ به حكم الإعدام في 14 شباط عام 270 ميلادية.. وعلى هؤلاء الذين يصدرون الفتاوى ويحرمون المرأة من أبسط حقوقها المشروعة، أن يعودوا إلى فالنتاين.. فالمرأة ليس عباءة ذلّ يرتديها من يشاء، ويخلعها متى يشاء، أو وسلعة تباع في السوق السوداء، وتخضع لارتفاع الدولار وانخفاضه..!

العدد 1105 - 01/5/2024