رحلتي مع «الفيسبوك»

كثيرة هي الأفكار والآراء التي تولد من رحم (الفيسبوكيين)، بعد أن صار جدار الواحد منا يصنع ملامحه في عيون الآخرين، لمّا تحويه الصفحات الفردية من مكاشفات وتصريحات علنية تارة، ومبطنة تارة أخرى. وليس في قولنا إن الحساب الشخصي على الفيسبوك بات أشبه بالسيرة الذاتية لصاحبه مبالغة ما، فالمتصفح لجدران صفحات المثقفين والشخصيات العامة من أبناء وطننا العربي يمكنه بسهولة تامة الوقوف على لوحة فسيفسائية لهموم هؤلاء وهواجسهم سواء الخاصة منها أو العامة.

ولنا فيما كتب بعض الأصدقاء على جدران صفحاتهم عن رحلتهم مع (الفيسبوك)، قصص شيقة، وعِبَر تترك لنا ما يغني تجربتنا لا الافتراضية فقط، وإنما الحياتية اليومية أيضاً.

يقول الصديق (م . ك) على جدار صفحته عن (رحلته الفيسبوكية)، (رحلتي مع (الفيسبوك) كانت جميلة ومثيرة ومفيدة، جميل فيها أنني تعرفت على أصدقاء رائعين جدد، والمثير فيها تلك المجادلات والأسئلة البعيدة عن اليقينيات والبديهيات.. والمفيد فيها تلك التفاعلات الغنية والأفكار المتناسلة..هي رحلة بدأت مع الحراك السلمي العربي، الذي حرّضني على التعرّف على هذا الجيل الجديد الرائع والمدهش، الذي يتوق إلى الحرية، والذي جدّد الحلم والشباب في أمثال من هم في جيلي..).

ويضيف (م . ك) عن جانب آخر من رحلته: (بعض (الفيسبوكيين) يشتغلون مراقبي أفكار أو مخبرين، لاسيما إذا كانوا من أصحاب الأسماء المستعارة.. فهؤلاء للأسف لا يظهرون إلا عند كتابة فكرة لا تعجبهم أو لا ترضي رغباتهم أو مخيلاتهم. وبدلاً من امتشاق عدة النقد والمحاججة الفكرية يمتشقون عدة الزجر والاتهام وأشياء أخرى.. يا أعزائي (إحنا مش ناقصين قمع ولا مخبرين ولا مراقبين).. صفحات (الفيسبوك) هي مجال للحرية، والصفحات الخاصة هي مجال لكل منّا كي يعبر عن رأيه الخاص، وعن همه، وتجربته وثقافته بكل حرية.. لذا من باب التهذيب إن لم يعجبنا رأي معين، وليس لدينا رغبة أو إمكان لمناقشته يمكن الاكتفاء بإشاحة النظر عن..).

ويقول صديقي (ي . ق) عن رحلته: (من خلال متابعتي ل (الفيسبوك) ما يزيد عن العامين لاحظت أن الكثير من الأدباء والمثقفين المعروفين انحدروا بلغتهم وتعابيرهم إلى ما يوجد عند الآخرين من العوام، بل ولغة الشارع أيضاً … ولاحظت أيضاً أن الكثير من الناس استفادوا من اختلاطهم بالأدباء بالقراءة والكتابة. لا بل إن بعضهم قد عرفوا هنا كمشاريع لشعراء أو شاعرات قادمين بقوة!).

وتقول الصديقة (س . ك): (في (فيسبوك) ثمة من يظن نفسه وصياً على آراء الآخرين، أو على حراسة الأفكار، فيمارس مهنة التفتيش أو الرقابة على الرأي والطريف أنه لا يتورع عن سؤالك: لمَ كتبت كذا وكيف تقول كذا! والأنكى أيضاً أن ثمة مخبرين من ممتهني كتابة التقارير: فلان قال كذا وكذا.. طيب ليش لكان اسمه رأي؟ وشو لزوم المخبرين مادمت أكتب باسمي الصريح؟.. إن أكثر مثل شعبي يصلح ل(الفيسبوك) هو: (امشِ الحيط الحيط) وأنا أُضيف عليه: (ولاتخربش على حيطان الجيران) .. كيف؟ وليش ؟) وتضيف (ن . د) عن تفاصيل رحلتها: (بعض زباين (الفيسبوك) يحبون أن ينشروا مواضيعهم وصورهم على صفحات الآخرين – وهي ميزة مشطوبة من عندي – وكأن صفحاتهم لا تكفيهم أو بالعباطة يا صديق لازم تشوف شو كتبت أو صوري الجديدة أو صورة طفلة محجبة مع تعليق (جمعة مباركة)!.. بصراحة أنا أعجب من ديمقراطية الكثير من الصديقات والأصدقاء ممن يتركون جدران صفحاتهم مفتوحة للي رايح واللي جاي مثل أية جمعية خيرية، ونيالك يا فاعل الخير !!).

أما الصديق (إ . م) فيقول عن رحلته: (فرحت كثيراً بتواصلي مع الأصدقاء في (الفيس)، أغنوا تجربتي كثيراً وأفدت منهم،ولكنني ممن يستنزفون الوقت، لذلك قلما أجلس الى صفحتي، فخسرت أصدقاء،و عتب على جهلي آخرون، ولم يصدقني آخرون، لذلك أتنازل عن إزعاجي لهم وأشكر كل من تعلمت منه..  بالمناسبة يُعلِّمك (فيس بوك) أن لا تتواصل مع بعض الأصدقاء.. حتى لا تخسرهم. ولكن من خلاله.. عليك فقط أن تطمئن إلى أنهم ما زالوا  أحياء.. مو قال لك إنو تواصل افتراضي .. افترض.. عمّي افترض).

وتقول صديقتي المغتربة (ن . د): ((الفيسبوك) في النهاية مسألة تكنولوجية قابلة للعبث بها والاختراق لخصوصيتها، وعلينا الانتباه لما تجره خلفها من إشكاليات، لا سيما هناك الكثير من المتربصين بها، ولهذا لن أقبل أحداً هنا لا أعرفه وسأشطب كل من يبدو لي صديقاً في لباس عدو، وسأكتفي بتبادل الأفكار مع الآخرين. ومع كل ذلك هناك من يرغب دائماً في العبث ونشر الأكاذيب والتضليل، فللأسف هناك بعض الأصدقاء يضعون صوراً خادعة، كأن يكون شاباً ويضع صورة واسم امرأة، أو يكون امرأة بصورة رجل، أو بعضهم لديه أكثر من حساب. وهذه ضريبة التكنولوجيا التي ندفعها أحياناً، والتي تساهم في زلزلة الثقة بين أعضاء هذا المجتمع الإلكتروني، وهي مظاهر سلبية أتمنى لو تنتهي بشكل كامل بطريقة أو بأخرى، فما الحل برأيكم…؟).

ويقول الصديق الفيسبوكي الستيني المغترب (خ . ع) عن رحلته الافتراضية: (ماذا يفعل متقاعد مثلي غير أن يقف على شباك (الفيسبوك)، يتسلى وهو يراقب (الرايح والجاي) على صفحات هذا الكائن العجيب! كان ممكناً أن أكون جاهلاً بهذا العالم ، لولا أن إحدى بناتي تآمرت علي وفتحت لي حساباً  للتخلص من تذمري وضجري!.. ومن يومها صار (الفيسبوك) سلوتي الوحيدة، في غربة إسكندنافية تقرقش روحي كرقائق (الشيبس)!..).

العدد 1104 - 24/4/2024