مأوى الفاشية

انقضى أكثر من سبعين عاماً على بدء أكبر مجزرة في التاريخ موّلها الاحتياطي الاتحادي في الولايات المتحدة ومصرف إنكلترا.

لعبت الولايات المتحدة والمملكة المتحدة دوراً رئيساً في تمويل هتلر وأصدقائه منذ عشرينيات القرن الماضي، فقد لاحظتا في أدولف النشيط وسيلة لتدمير الاتحاد السوفييتي.

وصلت القيمة الإجمالية للاستثمارات الأجنبية في الصناعة الألمانية في أعوام 1924  1929 إلى نحو 63 مليار مارك ذهبي، وفرت مصارف في الولايات المتحدة سبعين في المئة من مصادر دخل المالية، معظمها من مصارف جي بي مورغان. وفي النتيجة احتلت الصناعة الألمانية المركز الثاني في العالم، ولكنها كانت إلى حد كبير في أيدي الجماعات المالية والصناعية الرئيسة في أمريكا.

وهكذا مولت شركة (فاربن) المزود الرئيس لآلة الحرب الألمانية، 45 في المئة من حملة هتلر الانتخابية عام ،1930 وكانت تحت سيطرة (ستاندرد أويل) التابعة لروكفلر. وسيطر مورغان من خلال (جنرال إلكتريك) على صناعة التقنية الإشعاعية الألمانية. إضافة إلى ذلك امتلكتا ثلاثين في المئة من أسهم شركة الطيران (فوك  وولف). وكانت أوبل تحت سيطرة (جنرال موتورز) التي تملكها أسرة دوبون. وسيطر هنري فورد على مئة في المئة من أسهم شركة (فولكسفاغن). في عام ،1926 وبمشاركة مصرف روكفلر (ديلون ريد آند كومباني) نشأت أكبر شركة معادن في ألمانيا.

كان التعاون الأمريكي مع المجمّع العسكري الصناعي الألماني قوياً جداً، لدرجة أنه في عام 1933 سيطر رأس المال المالي الأمريكي على جميع القطاعات الرئيسة من الصناعة والمصارف الكبيرة الألمانية. وحصلت وول ستريت الآن على السيطرة التامة على كل شركة في ألمانيا.

حصلت شركة (ستاندرد أويل) الأمريكية في آب 1934 على 630 أكراً (الأكر يساوي نحو أربعة آلاف متر مربع) من الأرض، وبنت أكبر مصافي النفط التي زودت الطائرات والدبابات النازية بالبنزين. وبعد ذلك قدمت الولايات المتحدة التجهيزات الأحدث لمعامل الطائرات التي بدأت إنتاج أحدث الطائرات الألمانية. وحصلت ألمانيا من الشركات الأمريكية (برات أند ويتني) و(دوغلاس) و(بنديكس أفميشن) على عدد كبير من البراءات العسكرية. وكانت هناك محركات بريطانية في آخر نماذج الطائرات المقاتلة والقاذفة للرايخ الثالث. وعندما كانت الحرب العالمية الثانية محتدمة تماماً وصل الاستثمار الأمريكي إلى 475 مليون دولار.

تلقى هتلر في عام 1933 من التمويل الأنكلو أمريكي ما يعادل بالأسعار الحديثة 3,66 مليار دولار، وللمقارنة تلقى الاتحاد السوفييتي وفق قانون الإعارة والتأجير (قانون صادر في 11 آذار 1941 قدمت الولايات المتحدة الأمريكية بموجبه ضروب المساعدات المادية إلى الدول الحليفة المحاربة لألمانيا وإيطاليا) خلال الحرب كلها 12 مليار دولار فقط، أو أقل بأكثر من خمس مرات.

حاول الاتحاد السوفييتي في عامي 1938  1939 إقامة حلف عسكري  سياسي مع الأنكلو أمريكيين ضد هتلر، ولكن أخفقت كل محاولات السوفييت لمقاومة هتلر بقوة موحدة، وأرسلت الديمقراطية الأمريكية (التقية) مقرونة بالديمقراطية البريطانية (النبيلة) المدكّ الفاشي إلى الاتحاد السوفييتي. واليوم، عندما أطلقت النخبة المالية من بريطانيا والولايات المتحدة في العالم الخطة الثانية للانتقال إلى (نظام عالمي جديد)، يصبح ضرورياً تشخيص دورها الرئيس في تنظيم الجرائم ضد الإنسانية.

عبر التفويض العملي لتقارب أوكرانيا مع روسيا، سعت الولايات المتحدة بكل الطرق الممكنة إلى تقوية الحركات الشوفينية ضد الروس في أوكرانيا. إن ميزانية المنظمتين الشوفينيتين (روخ) و(أونا  أونسو) متمولة بنسبة ثلاثة أرباعها من قبل وكالة الاستخبارات المركزية، ومعظم الأنساق العليا من هاتين المنظمتين في خدمة الحكومة الأمريكية. كذلك الأمر بالنسبة لرئيس حزب (سفوبودا – لحرية) أوليغ تيا غينبوك، الذي زار مع نائبه للشؤون السياسية أندرو موهنيك الولايات املتحدة تحت ستار الالتقاء بالمهجر الأوكراني في الولايات المتحدة. ويعمل المؤتمر الأوكراني الكندي في شخص إد بالدلي وأوربستيس فارنيتا، كوسيط بين حزب (سفوبودا) ورعاته الخارجيين. يخرج الدعم المالي ل (سفوبودا) من أيدي المخابرات الكندية إلى أيدي قيادة المؤتمر، ليرحل بعد ذلك إلى حسابات حزب تياغينبوك، ليس في أوكرانيا فقط، بل كذلك في الخارج. يظل هدف (الأصدقاء) الخارجيين نفسه، وهو منع تقارب أوكرانيا مع روسيا. وستساعدهم كثيراً خدمات (سفوبودا) الذي يعمل مدكّاً أمامي ل (الوطنيين القوميين) ضد تقارب الشعوب الشقيقة.

 

الشيوعيون يحذرون من محاولة انقلاب فاشية

أصدر الحزب الشيوعي في أوكرانيا نداء ملحاً طالباً تضامن الحركة العمالية العالمية، محذراً من محاولة انقلاب فاشية يجري التحضير لها في الجمهورية السوفييتية السابقة.

أسقط المحتجون في كييف، عاصمة أوكرانيا، بعد ظهر 8 كانون الأول، تمثال الزعيم السوفييتي لينين. ووضع حزب سفوبودا علَمه وكذلك علم النظام المتعاون مع النازية في فترة الحرب العالمية الثانية على قاعدة التمثال، وأعلن اوليغ تياغينبوك، زعيم الجماعة، أن هذا التخريب هو (القتل السياسي) للشيوعيين. بدأت الاحتجاجات في 21 تشرين الثاني، ووحّدت شتى قوى المعارضة المؤيدة للغرب بعد أن أعلنت حكومة فكتور يانوكوفيتش خططاً لتأجيل اتفاقيات اندماج أوكرانيا في الاتحاد الأوربي. كان يانوكوفيتش مؤيداً قوياً للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، ولكه تراجع عندما مارس مسؤولون أوربيون وأمريكيون ضغوطاً لتقويض سيادة الحكومة البرجوازية في أوكرانيا، وتضمنت تلك الضغوط شروطاً قاسية للغاية من أجل قرض صندوق النقد الدولي.

بغضّ النظر عن تضخم الأعداد في تقارير الإعلام الغربي، نمت الاحتجاجات الموالية للإمبريالية وباشرت استفزازات عديدة، من ضمنها دك مبنى حكومي بجرافة.

يلعب سفوبودا دوراً رئيساً في الحركة الاحتجاجية. وقد بنى زعيم الحزب أوليغ تياغينبوك، عضو البرلمان الأوكراني، سيرته السياسية على مناشدات الشوفينية المعادية للروس. وقال أناتولي سوكوليوك، رئيس قسم الشؤون الخارجية في الحزب الشيوعي في أوكرانيا: (دعا الفاشيون إلى تدمير مكتب الحزب الشيوعي في أوكرانيا وعبروا عن رغبتهم في قتل جميع عمالنا).

العدد 1107 - 22/5/2024